كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 3)

.........
وقد أجرى الله عادته بوجود كثير من القوى والخواصّ والأجسام والأرواح، كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتشمه من الخجل فيحدث في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل. وكذا الاصفرار عند رؤية من يخافه، وذلك بواسطة ما خلق الله في الأرواح من التأثيرات. ولشدّة ارتباطها بالعين نسب الفعل إلى العين، وليست هي المؤثرة!! إنّما التأثير للرّوح، والأرواح مختلفة في طبائعها، وقواها، وكيفياتها، وخواصها.
فمنها ما يؤثّر في البدن بمجرّد الرؤية بغير اتصال، ومنها ما يؤثّر بالمقابلة، ومنها ما يؤثر بتوجه الروح؛ كأحاديث من الأدعية والرّقى والالتجاء إلى الله، ومنها ما يقع بالتوهّم والتخييل.
فالخارج من عين العائن سهم معنوي؛ إن صادف البدن ولا وقاية؛ لأثّر فيه، وإلا، فلا، كالسّهم الحسّي. وقد يرجع على العائن.
وقد اختلف في جريان القصاص في القتل بالعين!!
فقال القرطبي: لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص؛ أو الدّية إذا تكرّر ذلك منه بحيث يصير عادة.
ومنع الشّافعيّة القصاص في ذلك؛
وقال النّوويّ في «الرّوضة» : ولا دية فيه ولا كفارة؛ لأنّ الحكم إنّما يترتّب على منضبط عامّ؛ دون ما يختصّ ببعض النّاس في بعض الأحوال ممّا لا انضباط له، كيف ولم يقع منه فعل أصلا!؟
ثمّ قال: قال القاضي: في هذا الحديث من الفقه ما قاله بعض العلماء: أنّه ينبغي إذا عرف أحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويحترز منه، وينبغي للإمام منعه من مداخلة النّاس ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيرا!! رزقه ما يكفيه، ويكفّ أذاه عن النّاس. انتهى. شروح «الجامع الصغير» .

الصفحة 453