كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 3)
.........
وقد ورد الشّرع بالاستغسال للعين، في حديث سهل بن حنيف لمّا أصيب بالعين فأمر النّبي صلى الله عليه وسلم عائنه بالاغتسال.
وصفته أن العائن يغتسل في قدح من ماء؛ يدخل يده فيه، فيمضمض ويمجّه في القدح، ويغسل وجهه فيه، ثمّ يصبّ بيده اليسرى على كفّه اليمنى، ثمّ باليمنى على كفّه اليسرى، ثمّ يدخل يده اليسرى فيصبّ بها على مرفق يده اليمنى، ثمّ بيده اليمنى على مرفق يده اليسرى، ثمّ يغسل قدمه اليمنى، ثمّ يدخل اليمنى فيغسل قدمه اليسرى، ثمّ يدخل يده اليمنى، فيغسل الركبتين، ثمّ يأخذ داخلة إزاره، فيصبّ على رأسه صبّة واحدة، ويضع القدح حين يفرغ.
هكذا رواه ابن أبي ذئب؛ عن الزّهري عند ابن أبي شيبة. وهو أحسن ما فسّر به؛ لأن الزّهري رواي الحديث. وزاد ابن حبيب في قول الزّهري هذا: يصبّ من خلفه صبّة واحدة يجري على جسده، ولا يوضع القدح في الأرض، ويغسل أطرافه المذكورة كلها وداخلة الإزار في القدح. قال الزّهري: هذا من العلم. وأخبر أنّه أدرك العلماء يصفونه واستحسنه العلماء، ومضى به العمل. وجاء عن ابن شهاب من رواية عقيل مثله؛ إلّا أنّ فيه الابتداء بغسل الوجه قبل المضمضة، وفيه غسل القدمين أنّه لا يغسل جميعهما، وإنّما قال: ثمّ يفعل مثل ذلك في طرف قدمه اليمنى عند أصول أصابعه. واليسرى كذلك، وهو أقرب لقول الحديث: وأطراف رجليه.
وهذا الغسل ينفع بعد استحكام النّظرة، أمّا عند الإصابة به وقبل الاستحكام! فقد أرشد الشارع إلى دفعه بقوله «ألا برّكت!!» أي: دعوت له بالبركة؛ بأن تقول: «ما شاء الله، تبارك الله» ، أو «اللهمّ بارك فيه ولا تضرّه» .
واختلف العلماء في العائن؛ هل يجبر على هذا الغسل للمعين، أم لا؟
احتجّ من أوجبه بقوله صلى الله عليه وسلّم في رواية «مسلم» : «وإذا استغسلتم فاغسلوا» .
وبرواية «الموطّأ» أمره بالوضوء؛ والأمر للوجوب. قال المازري: والصّحيح
الصفحة 454
488