كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 3)

167- «القناعة.. كنز لا يفنى» .
قال أبو أمامة: جاء ثعلبة إلى المصطفى صلى الله عليه وسلّم فقال: يا نبيّ الله؛ ادع الله أن يرزقني مالا.
فقال: «ويحك يا ثعلبة!! أما تحبّ أن تكون مثلي، فلو شئت أن تسير معي الجبال ذهبا لسارت!!» .
فقال: ادع الله لي أن يرزقني مالا، فو الّذي بعثك بالحقّ نبيّا لئن رزقنيه لأعطينّ كلّ ذي حقّ حقّه! قال: «لا تطيقه» !!
قال: يا نبيّ الله؛ ادع الله أن يرزقني مالا، فقال: «اللهمّ؛ ارزقه مالا» ، فاتّخذ غنما فبورك له فيها، ونمت حتّى ضاقت به المدينة؛ فتنحّى عنها، فكان يشهد مع المصطفى صلى الله عليه وسلّم بالنّهار، ولا يشهد صلاة اللّيل، ثمّ نمت فكان لا يشهد إلّا من الجمعة إلى الجمعة، ثمّ نمت؛ فكان لا يشهد الجمعة ولا الجماعة.
فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: «ويح ثعلبة!» . ثمّ أمر المصطفى صلى الله عليه وسلّم بأخذ الزّكاة والصّدقة؛ فبعث رجلين فمرّا على ثعلبة وقالا: الصّدقة؟! فقال: ما هذه إلّا أخيّة الجزية!! فأنزل الله فيه* وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ الآية [75/ التوبة] .
قال البيهقي: في إسناد هذا الحديث نظر!! وهو مشهور بين أهل التّفسير.
انتهى.
وأشار في «الإصابة» إلى عدم صحّة هذا الحديث، فإنّه ساق هذا الحديث في ترجمة ثعلبة هذا، ثمّ قال: وفي كون صاحب هذه القصّة- إن صحّ الخبر!! ولا أظنّه يصحّ؛ هو البدري! - نظر!! انتهى كلام المناوي رحمه الله تعالى..
167- ( «القناعة) الرّضا بالمقسوم (كنز) ؛ أي: ككنز، بجامع أنّها تغني صاحبها عن النّاس؛ كما يغنيه كنز؛ أي: مال مدفون (لا يفنى» ) ؛ لأنّ القناعة تنشأ عن غنى القلب بقوّة الإيمان ومزيد الإيقان، ومن قنع أمدّ بالبركة ظاهرا وباطنا؛ لأنّ الإنفاق منها لا ينقطع؛ إذ صاحبها كلما تعذّر عليه شيء قنع بما دونه؛

الصفحة 462