كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 3)

173- «كلّ الصّيد في جوف الفراء» .
والحديث ذكره في «الدّرر» للسّيوطي، وقال: أخرجه ابن ماجه من حديث ابن مسعود في أثناء حديث. وذكره في «الكشف» ، وقال: رواه ابن مردويه؛ عن ابن مسعود مرفوعا وموقوفا، ولفظه: «ألا لا يطولنّ عليكم الأمد فتقسو قلوبكم، ألا إنّ كلّ ما هو آت قريب، ألا إنّما البعيد ما ليس بات» .
وروى البيهقي في «الأسماء والصفات» ، عن ابن شهاب مرسلا: إنّه صلى الله عليه وسلّم كان يقول إذا خطب: «كلّ ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت، لا يعجل الله لعجلة أحد، ولا يخلف لأمر أحد، ما شاء الله لا ما شاء النّاس، يريد الله أمرا ويريد النّاس أمرا، وما شاء الله كائن؛ ولو كره النّاس، لا مبعّد لما قرّب الله؛ ولا مقرّب لما بعّد الله، ولا يكون شيء إلّا بإذن الله» .
وعزاه في «المقاصد» للقضاعي؛ عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: تلقفت هذه الخطبة من في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرها، وفيها: «كلّ ما هو آت قريب» . انتهى كلام «الكشف» .
وهذه الجملة موجودة في «الجامع الصّغير» أثناء حديث طويل أوله: «أمّا بعد؛ فإنّ أصدق الحديث كتاب الله» ... الخ.
173- ( «كلّ الصّيد في جوف الفراء» ) - بفتح الفاء، مقصور مهموز-: حمار الوحش، هذا خاطب به النّبي صلى الله عليه وسلّم أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، حين جاءه مسلما، بالأبواء بين مكّة والمدينة والنّبي صلى الله عليه وسلّم سائر إلى فتح مكّة؛ بعد أن كان عدوّا له هجّاء، كثير الهجاء بعد البعثة، وكان يألفه قبلها، فلمّا أسلم كان لا يرفع رأسه إلى المصطفى حياء منه صلى الله عليه وسلم.
وكان النبيّ صلى الله عليه وسلّم يحبّه، ويشهد له بالجنّة، ويقول: «أرجو أن يكون خلفا من حمزة!» رضي الله عنه.
فكأنّ النّبي صلى الله عليه وسلّم يقول: إنّ الحمار الوحشيّ من أعظم ما يصاد، وكل صيد دونه، كما أنّك أعظم أهلي وأمسّهم رحما بي، ومن أكرم من يأتيني، وكلّ

الصفحة 469