كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 3)
.........
دونك!! قال ذلك ملاطفة له؛ لأنّه استأذن فلم يأذن له، وقال: إنّه هتك عرضي.
والحديث أخرجه الرّامهرمزي الإمام؛ أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن الفارسي في كتاب «الأمثال» من طريق ابن عيينة، عن وائل بن مازن، عن نصر بن عاصم الليثي؛ قال: أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقرشي وأخّر أبا سفيان، ثم أذن له فقال:
ما كدت أن تأذن لي حتى كدت أن تأذن لحجارة الجلهمتين قبلي وبكى، فقال:
«وما أنت وذاك يا أبا سفيان؛ إنّما أنت كما قال الأول: كلّ الصّيد في جوف الفراء» . وسنده جيد، لكنّه مرسل، لأنّ نصر بن عاصم تابعيّ وسط.
ونحوه عند العسكري، ولكنّه قال: «كلّ الصّيد في جوف الفراء- أو: جنب الفراء-» بالشّكّ.
قال في «المقاصد» : وقد أفردت فيه جزآ فيه نفائس.
والجلهمتان: تثنية الجلهمة- بضمّ الجيم وفتحها-: حافّة الوادي وناحيته.
قال الدّميري في «حياة الحيوان» : الفراء: الحمار الوحش. والجمع:
الفراء، مثل جبل وجبال، وفي المثل «كل الصّيد في جوف الفراء» ؛ قاله النّبي صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان بن الحارث، وقيل: لأبي سفيان بن حرب.
وقال السّهيلي: الصّحيح أنّه قاله لأبي سفيان بن حرب يتألّفه به؛ وذلك لأنّه استأذن على النّبي صلى الله عليه وسلم فحجب قليلا ثمّ أذن له، فلما دخل؛ قال للنّبي صلى الله عليه وسلم:
ما كدت أن تأذن لي حتّى كدت أن تأذن لحجارة الجلهمتين قبلي!!، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أبا سفيان؛ أنت كما قيل- كلّ الصّيد في جوف الفراء-» . ثمّ قال:
وأصل هذا المثل أنّ جماعة ذهبوا للصّيد؛ فصاد أحدهم ظبيا، والآخر أرنبا، والآخر حمار وحش، فاستبشر الأوّلان بما نالا؛ فقاله الثالث؛ يعني أنّ ما رزقته يشتمل على ما عندكما؛ لأنّه أعظم، ثمّ اشتهر هذا المثل في كلّ شيء كان جامعا لغيره، كما قال القائل:
يقولون: كافات الشّتاء كثيرة ... وما هي إلّا واحد غير مفترى
الصفحة 470
488