كتاب منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص) (اسم الجزء: 3)

178- «كلّ.. ميسّر لما خلق له» .
وسباع، يكون في نار جهنّم عقوبة لأهلها؛ وقيل: هو وعيد لمن يؤذي النّاس، أي: كل من آذى الناس في الدّنيا من النّاس أو من غيرهم؛ يعذّبه الله في تلك الدّار في نار الآخرة. ذكره الزّمخشري والخطّابي. انتهى «مناوي» .
والحديث أخرجه الخطيب في ترجمة عثمان الأشج؛ المعروف ب «ابن أبي الدّنيا» ، وأخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» كلاهما؛ عن علي، «أمير المؤمنين» ، قال الخطيب: وعثمان عندي ليس بشيء. انتهى. وأورده الذّهبي في «المتروكين» ، وقال: خبر غريب. انتهى مناوي على «الجامع» ، وفي «العزيزي» : إنّه حديث حسن. اه.
178- ( «كلّ) - بالتّنوين-؛ أي: كلّ إنسان (ميسّر) - بضمّ الميم، وبالمثنّاة التّحتيّة، والمهملة الثّقيلة؛ المفتوحتين- وفي رواية يسّر (لما خلق له» ) ؛ أي: مهيّأ لما خلق لأجله، قابل له بطبعه، أي: فالأمر مغيب عنّا، فلا نعرف النّاجي من غيره، إلّا أنّ الشّارع نصب لنا دليلا على ذلك، فمن رأيناه منكبّا على الطّاعة علمنا أنّه ناج، وعكسه بعكسه.
وليس المراد بالتّيسير هنا ما يقابل التّعسير!! وقول بعضهم: «معناه كلّ موفّق لما خلق لأجله» غير سديد؛ لأنّ التّوفيق خلق قدرة الطّاعة في العبد؛ وليس المعنى هنا مقصورا عليه، بل المراد التّهيئة لما خلق لأجله من خير وشرّ وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (8) [الشمس] . انتهى مناوي على «الجامع» ، وحفني على «الجامع» .
قال العزيزي: وفي الحديث إشارة إلى أنّ المال محجوب عن المكلّف، فعليه أن يجتهد في عمل ما أمر به، فإنّ عمله أمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالبا، وإن كان بعضهم قد يختم له بغير ذلك؛ كما في حديث ابن مسعود وغيره، لكن لا اطّلاع له على ذلك، فعليه أن يبذل جهده ويجاهد نفسه في عمل الطّاعة، ولا يترك اتّكالا على ما يؤول إليه أمره، فيلام على ترك المأمور، ويستحقّ العقوبة. انتهى.

الصفحة 473