كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 3)

وقوله: الوافر
ومَنْ يَجِدُ الطَّريق إلى المَعَالي ... فلا يَذَرُ المَطِيَّ بلا سَنَامِ
قال: من في هذا البيت معطوف على من في البيت الأول. يقول: اعجب ممن يجد طريقا إلى المعالي ولا يطلبها، حتى يذهب أسنمة الإبل.
وأقول: هذا المعنى لا يكون إلا على رواية ولا يذر بالواو، وأما برواية فلا يذر بالفاء، فيكون المعنى غير ذلك. ويجوز في قوله: ومن يجد الرفع على ما قبله، وتكون من نكرة أو بمعنى الذي. . ويحتمل أن يكون هذا البيت غير معطوف على الأول، ويكون مثلا قائما بنفسه، وتكون من للشرط ويجد مجزومة. والتقدير: ومن يجد طريقا إلى المعالي، وطريق المعالي صعبة شاقة بعيدة، فليستظهر عليها بالإبل التي لها أسنمة؛ أي: بالسمان، ليقوى على طريقها، والوصول اليها، كالابل التي تستعد للحجاز وما أشبهه من البلاد الشاقة البعيدة. وهذا مثل ضربه بذلك؛ يقول: من أراد إدراك المعالي، فليتوصل إليها بالعطايا الكثيرة، والجود الظاهر القوي.

الصفحة 160