كتاب المآخذ على شراح ديوان أبي الطيب المتنبي (اسم الجزء: 3)

بضد هذا الغرض، قول مسلم بن الوليد: البسيط
تراهُ في الأمنِ في دِرْعٍ مُضَاعَفَةٍ ... لا يأمَنُ الدَّهْرَ أن يُؤتَى على عَجَلِ
وأقول: إن أبا الطيب وصف الجبار بالخوف من الممدوح، ومسلما وصف الممدوح بالحزم. حتى روي، أن يزيد بن مزيد، دخل على الرشيد ذات يوم، فاستبان من تحت ثيابه درعا، فقال: ما هذا؟ قال: أردت تصديق قول مسلم يا أمير المؤمنين! وذكر البيت. والحزم هو التحفظ، والتحفظ ضرب من الخوف؛ وإذا كان كذلك فليس بين البيتين تضاد.
وقوله: الكامل
طَرِبَتْ مَرَاكِبُنَا فَخِلْنَا أنَّها ... لَوْلاَ حَيَاءٌ عاقَهَا رَقَصَتْ بنا
قال: المراكب: جمع مركب، وهو الذي يوضع على ظهر الدابة ليركب فيه. ويجوز أن تسمى الدابة مركبا.
قال: وكون المركب في معنى السرج، أبلغ في هذا الموضع؛ لأن الدابة حيوان فهي أقرب إلى الرقص من الذي يركب فيه.
وأقول: إن الإغراق في المبالغة في كل موضع لا يستحسن، فوصف السروج بالطرب والحياء، والرقص، بعيد من الحقيقة. وقد جعل - هو - البعد من الحقيقة سببا للحسن، وذلك غير حسن؛ لما فيه من الإحالة. ونحن إذا وصفنا الخيل، التي هي حيوان، بذلك، كنا من الإحالة على وجل، فكيف بالسروج التي هي خشب؟!

الصفحة 163