كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 3)

فسره بالتقدم من موضع إلى موضع (¬1). قُلْتُ: فمعنى أزلفها هنا: اكتسبها وقدمها وقربها قربة إلى الله تعالى، وازدلفت مثل أزلفت، وازدلفت القوم: (جَمَعْتُهم) (¬2)، ومنه سميت المزدلفة؛ لجمعها الناس، وقيل: لقرب أهلها من منازلهم.
مفتعلة من زلفت أبدلت التاء دالًا، وقوله تعالى: {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13)} [التكوير: 13] أي: قربت وأدنيت (¬3) {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64)} [الشعراء: 64] أي: قَرَّبْنَاهم (¬4).
قَالَ أهل اللغة: هذا من باب ما جاء على فعل وأفعل لاختلاف معنى. وقوله تعالى: {عِنْدَنَا زُلْفَى} [سبأ: 37] فهي هنا اسم مصدر كأنه قَالَ: ازدلافًا، وأما زلف زلفى ثلاثيًا فبمعنى: تقدم، والزلفة والزلفي: القربى والمنزلة (¬5).
وقوله: ("فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ") أي: أسلم إسلامًا محققًا بريئًا من الشكوك، ولا يشترط في تكفير سيئات زمن الكفر وكتب حسناته أن يكثر من الطاعات في الإسلام، ويلازم المراقبة والإخلاص في أفعاله كما (سلف) (¬6).
ثم اعلم أن هذا الحديث مع حديث حكيم بن حزام السالف مما اختلف في معناه، فقال أبو عبد الله المازري ثم القاضي وغيرهما:
¬__________
(¬1) "جمهرة اللغة" 2/ 821 مادة: زلف.
(¬2) في (ف)، (ج): جميعهم، والمثبت هو الصواب، كما في "الأفعال" لابن القوطية ص 173.
(¬3) انظر: "تفسير الطبري" 12/ 466 (36473).
(¬4) انظر: "تفسير الماوردي" 4/ 175.
(¬5) انظر: "تهذيب اللغة" 2/ 1548 مادة: (زلف).
(¬6) في (ج): سبق.

الصفحة 107