كتاب التوضيح لشرح الجامع الصحيح (اسم الجزء: 3)

الوجه الرابع: في ألفاظه ومعانيه:
وقد أوضحته في "شرح العمدة" (¬1) أكمل إيضاح، ونذكر هنا نبذة منه:
الأولى: معنى: ("انْتَدَبَ اللهُ"): ضمن وتكفل كما جاء في رواية أخرى وقيل: أجاب رغبته يقال: ندبه لأمر فانتدب. أي: دعاه فأجاب، وقال ابن بطال: أوجب وتفضل أي: حقق وأحكم أن ينجز له ذَلِكَ لمن أخلص (¬2)، وقيل: معناه: سارع بثوابه وحسن جزائه. حكاه القاضي (¬3).
وما ذكرنا أن انتدب -بالنون- هو المشهور في رواية بلادنا، وحكاه القاضي عن رواية أبي داود، وحكي عن القابسي ائتدب بهمزة صورتها باء من المأدبة (¬4)؛ يقال: دبه القوم -مخففًا- إذا دعاهم ومنه: "القرآن مأدبة الله في أرضه" (¬5) ومعناه: أجاب الله من دعاه إلى غفرانه وكل ذَلِكَ عبارة عن تحقيق هذا الموعود من الله تعالى على وجه التفضل والامتنان.
¬__________
(¬1) "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" 10/ 290.
(¬2) "شرح ابن بطال" 1/ 95.
(¬3) "إكمال المعلم" 6/ 294، "مشارق الأنوار" 2/ 7.
(¬4) وعزا ابن حجر هذِه الرواية إلى الأصيلي ثم قال: وهو تصحيف، وقد وَجَّهوه بتكلف، لكن إطباق الرواة على خلافه مع اتحاد المخرج كاف في تخطئته ا. هـ "الفتح" 1/ 93.
(¬5) رواه عبد الرزاق في "المصنف" 3/ 375 (6017)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 6/ 126 (29999)، والدارمي 4/ 2083، 2084 (3350)، والحاكم 1/ 555، والبيهقي في "الشعب" 2/ 324، 325 (1933) من حديث عبد الله بن مسعود.
قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: صالح ثقة خرج له مسلم. لكن إبراهيم بن مسلم ضعيف. وضعفه الألباني في "ضعيف الترغيب" (867).

الصفحة 66