كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

وليس هذا عين القول الذي حكاه المصنف بأن القلب إفساد للعلة على ما توهم: لأن هذا مبني على القول المختار القائل بجواز تسليم صحة ما استدل به، لتكون معارضة، فكأنه قال: لو كان تسليم الصحة شاهدًا عدلًا صلح معارضًا، لكن ليس كذلك، فلا يصلح عوض ذلك القول على منع العلية، ومرجع هذا على كونه معارضة بعد تسليم الصحة.
قوله: "وهو قسمان".
أقول: القلب من حيث هو قسمان: لأن القالب إما بصدد تصحيح مذهبه، أو بصدد إبطال مذهب الخصم الذي هو المستدل، والأول ضربان:
أحدهما: أن يدل، مع ذلك على بطلان مذهب المستدل صريحًا، كقول الشافعي -مستدلًا-: بيع الفضولي باطل: لأنه بيع مال لا ولاية له عليه أصالة، ولا نيابة كشرائه.
فيقال: تصرف في مال الغير بغير إذنه، فتلغو الإضافة، ويصح البيع كالشراء بغير الإذن، فانه يصح، ويقع عن نفسه وتلغو التسمية.
الضرب الثاني: وهو الذي لا يدل على بطلان مذهب المستدل صريحًا مثل قول الحنفى -مستدلًا-: الاعتكاف لبث في محل مخصوص، فلا يكون قربة بنفسه كالوقوف بعرفة.
فيقول الشافعي: لبث مخصوص، فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة.

الصفحة 337