كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

الوجه الثاني: أن يستدل على إبطال ما توهم أنه مأخذ الخصم، ومبنى دليله.
كقول الشافعي -في المثال المذكور-: التفاوت في الوسيلة لا يوجب التفاوت فيما يتوسل إليه من قتل، وقطع، وغيرهما، فيجب القصاص بالمثقل.
فيقول الخصم: سلمنا ذلك، ولكن لا يلزم منه وجوب القصاص، لأن إبطال مانع لا يستلزم إبطال جميع الموانع ووجود الشرائط، والمقتضي، وثبوت الحكم موقوف على جميع ذلك.
والمختار أن المعترض مصدق فيما ذكره من أن الذي أبطله المستدل ليس مأخذًا له، لأنه عدل مأمون في ذلك.
وقيل: خصم لا يصدق إلا أن يبين له مأخذًا آخر.
واعلم أن أكثر ما يقع القول بالموجب من هذا القبيل، لأنه كثيرًا ما يقع الاشتباه في مأخذ الأحكام لخفائها، بخلاف الأول، لأنه يقل فيه ذلك، لأن الغالب أن المستدل يحرر البحث بحيث لا ينتج كلامه غير مطلوبه.
الوجه الثالث: من وجوه القول بالموجب-: أن يسكت المستدل عن صغرى مقدمتي دليله، والحال أنها غير مشهورة كقول الشافعي -في افتقار الوضوء إلى النية-: ما ثبت قربه فشرطه النية.
فيقول المعترض: سلمنا ذلك، ومن أين لك أن الوضوء قربة؟ فلو صرح المستدل بالصغرى، أو كانت مشهورة لم يتأت القول بالموجب، بل يكون

الصفحة 341