كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

حتى لو عورض ذاك النص بقى القياس سالمًا عندهما.
وللمعترض تقديم فساد الاعتبار على سائر الاعتراضات وتأخيره عنها.
وعندي أنه يجب تقديمه، لأنه أقوى لدلالته على بطلان القياس بخلاف غيره، فإنه إما مطالبة لتصحيح الدليل أو معارضة له.
وإذا علم حقيقته، فالجواب عنه بوجوه:
منها: الطعن في السند إن كان قابلًا، كالإرسال، والانقطاع، وتكذيب الأصل الفرع فيه، وكون الراوي غير عدل.
ومنها: منع ظهوره، فيما قصده المعترض كمنع عموم ما استدل به، أو مفهومه، أو الإجمال فيه.
ومنها: دعوى التأويل، أي: هو محمول على غير ظاهر بدليل يرجحه على ظاهره، أو بالقول بالموجب، بأن يقول: ولئن سلمنا ما تقوله لكن مدلوله لا ينافي حكم القياس، أو يعارضه بنص آخر فيسلم له القياس.
لا يقال: فللمعترض أن يعارض المستدل بنصين، فلا يتم له ما رامه: لأنا نقول: النص الواحد يعارض النصوص كشهادة الاثنين، مع الأربعة.
لا يقال: فعلى هذا يلزم أن يعارض نص المعارضة نص المستدل، وقياسه: لأنا نقول: إجماع الصحابة قائم على خلافه: لأنهم كانوا عند تعارض النصوص يرجعون إلى القياس.

الصفحة 353