كتاب الدرر اللوامع في شرح جمع الجوامع (اسم الجزء: 3)

قوله: "ومنه وصف العلة".
أقول: من المنع مطلقًا منع كون الوصف الذي يدعيه المستدل قيدًا للعلة كذلك، بل بحذفه من الاعتبار (١).
مثاله: قول الشافعي -في إفساد الصوم بالجماع-: تجب الكفارة، لأنها شرعت للزجر عن الجماع المحذور في الصوم كالحد فإنه شرع للزجر عن الجماع زنى.
فيقال: لا نسلم قيد الجماع، بل إنما شرعت لمطلق الجناية على الصوم، وتحصل تلك الجناية بأنواع الإفطار عمدًا.
والجواب -عن هذا- ببيان خصوصية الجماع، واعتبارها، نقول: رتب الشارع في قضية الأعرابي الكفارة على الجماع، وترتيب الحكم على الوصف دال على عليته.
قال المصنف: "وكأنَّ المعترض ينقح المناط" لأنه تقدم أن تنقيح المناط حذف الخصوصية عن الاعتبار اجتهادًا، ونوط الحكم بأعم، والمستدل يحقق المناط أي يبين خصوصية الوصف، واعتبارها.
وإنما ذكر لفظة "كأنَّ" لأن تنقيح المناط ليس وظيفة المعترض، لأنه من مسالك العلة، فهو وظيفة المستدل، ولأن تحقيق المناط ليس إثبات
---------------
(١) راجع: المحلي مع البناني: ٢/ ٣٢٥ - ٣٢٦، وتشنيف المسامع: ق (١٢٤/ ب)، والغيث الهامع: ق (١٣٤/ ب)، وهمع الهوامع: ص/ ٣٨٣.

الصفحة 356