تكرار (مرتين) تأكيداً لفظيًّا؟
فنقول: المنقولُ عن بعض أكابر الفضلاء من المتأخرينِ - وهو أبو محمد بن بري -: أنَّهُ إذا كُرِّرَت الأجناس، أو المصادر، أو أسماء العدد، كان المرادُ حصولَهَا مكررةً؛ نحو: جاء القوم رجلاً رجلاً، وجماعةً جماعةً، وزُمرةً زمرةً؛ أي: رجلاً بعد رجلٍ، وجماعةً بعد جماعةٍ.
وكذلك: ضربت زيداً ضرباً ضرباً، وضربتين، وجاؤوا رجلين رجلين، واثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة؛ أي: ضرباً بعد ضربٍ، واثنين بعد اثنين، ومنه قوله تعالَى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 21 - 22]؛ أي: دكًّا بعد دكٍّ، وصفًّا بعد صفٍّ.
وعن الشيخ أبي محمد وابن الحاجب: ولا يحسنُ التوكيدُ اللفظيُّ إلا حيثُ لا يكونُ للكلام مَحْملٌ غيرُهُ.
ومن ثَمَّ لمْ يَحملْ أبو عليٍّ التكرير في المصادرِ والأعداد وأسماء الأجناس عليه في قولك: جاؤوا رجلاً رَجلاً، وحَسَبْتُهُ (¬1) باباً باباً، وضربته ضرباً ضرباً (¬2)، وأنفقت الدراهمَ ثلاثةً ثلاثةً؛ لأنَّ المقصودَ في هذه الأمثلة وشبهها حصولُ الفعل علَى هيئة التكرير الواقعِ بعضُهُ بعدَ بعض؛ لأنَّ المعنَى: رجلاً بعد رجلٍ، وباباً بعد باب، وضرباً بعد
¬__________
(¬1) "ت": "ضرابَا ضراباً".
(¬2) "ت": "خشبته".