كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 3)

رأَى، فالسؤال حقيقة عن وقوع الرؤية التي ينشأ عنها إمكانُ الاستطاعة في الحكايةِ، ولو قيل: هل رأيت كذا، فتستطيع أن تحكيه؟ لمْ يكنْ ذلك خارجاً عن استعمال أهل العرف، ولا مُستكرهاً عندهم.
ولو قالَ قائل: كيف [يمكن أن] (¬1) يكونَ الصحابيُّ المصاحبُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدةً لا يرَى وضوءَهُ - صلى الله عليه وسلم -؟
فيقال: إنما يمتنعُ ذلك إذا لمْ يكنْ حكمُ الوضوء متبيناً مِن غيرِ الفعل، لكنه متبَيِّنٌ بالآيةِ الكريمة، فلا يمتنعُ مع البيان أن لا يرَى اكتفاءً بالمتبين (¬2) من الآيةِ، أو من قولٍ آخرَ من الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -.
وثانيها: أنْ يكونَ السؤالُ عن دوام الذكرِ لفعله - صلى الله عليه وسلم - إلَى حين السؤال، فكأنَّهُ يقول: هل أنت مُستحضِرٌ (¬3) لما رأيت؟ أو طرَأَ عليك نسيانٌ يمنع من الاستطاعةِ لحكايته؟
وثالثها: أنْ يُحملَ علَى أنَّ السؤالَ عن تأمله لأفعال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[في الوضوء] (¬4)؛ كُلِّيِّها وجزئيِّها (¬5)؛ ظاهرِها وخفيِّها، حتَّى يأتيَ بذلك علَى الوجهِ الذي وقع بكماله وتمامه، وذلك أنَّ الأفعالَ قد يقعُ
¬__________
(¬1) سقط من "ت".
(¬2) "ت": "الاكتفاء بالمبين".
(¬3) "ت": "مستحقر".
(¬4) سقط من "ت".
(¬5) في الأصل: "كلها وجزئها" والمثبت من "ت".

الصفحة 576