كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 3)

قالَ بعض المالكية: إن نوَى الطُّهرَ استباحَ به الصلاة، وإنْ لمْ يُرِدْ إلا التعليمَ لمْ يستبحْ به الصلاة (¬1)، وكذلك مَن نوَى بوضوئِهِ تعلُّمَ (¬2) الوضوءِ، قال: قاله ابن القاسم في "العتبية" (¬3).
والمسألة تتعلَّقُ بأصلين:
أحدهما: اشتراطُ النية في الطهارةِ، أو عدم ذلك.
والثاني: التشريكُ فيها، هل يَضير، أم لا؟
وقد حُملَ قولُ سفيان - رحمه الله - علَى أنَّهُ كقول أبي حنيفة: أنَّ التيممَ لا بدَّ فيه من نيَّة، وأما الوضوء فلا (¬4)، وفي هذا نظرٌ.
وأما التشريكُ فظاهر ما نُقِلَ عن ابن القاسم أنَّهُ لا يضرُّ؛ لأنه علَّقَ الاستباحة بمُجرَّدِ نيةِ الطهر، ولم يعرضْ؛ لأنَّ التشريكَ مانعٌ، وظاهر هذا: أنَّهُ لا يضر.
والصحيحُ عندَ الشافعية: أنَّ نيةَ التَّبَرُّدِ (¬5) مع نيةِ الاستباحة لا تضر، وعُلِّلَ ذلك بأنَّ ما يَحصلُ، وإنْ لمْ يُنوَ، [لا تضرُّ نيَّتُهُ، والتبردُ حاصلٌ، وإنْ لمْ ينوَ] (¬6) (¬7).
¬__________
(¬1) "ت": "صلاة" بدل "به الصلاة".
(¬2) "ت": "تعليم".
(¬3) انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (1/ 237).
(¬4) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 52).
(¬5) في الأصل: "التردد"، والمثبت من "ت".
(¬6) سقط من "ت".
(¬7) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (1/ 327).

الصفحة 578