كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 3)

الخامسة: فيه البيانُ بالفعلِ عما سئل عنه، وقد تكلم الأصوليون في بيان المُجمل بالفعلِ؛ هل يحصل؟ وقسموا القول في الدليلِ الدالِّ علَى البيانِ إلَى: ما يحصل بالمواضعةِ؛ كالكتابةِ، وعقد الأصابع، وإلَى شيء تتبعه المواضعة (¬1)، وفُسِّرَ بالإشارة؛ لأنَّ المواضعةَ مُفتقِرَةٌ إليها، وهي غيرُ مفتقرةٍ إلَى المواضعةِ، وإلا لافتقرت إلَى مواضعة أخرَى، ولزم التسلسلُ، وهو محال، وإلَى ما يكون تابعاً للمواضعة؛ كما في قوله (¬2) - عليه السلام -: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي" (¬3)، ولو قالَ - عليه السلام -: هذا الفعلُ بيانٌ لكذا (¬4).
وقد نُقِلَ عن قوم أنَّ الفعلَ لا يكون بياناً، والمختارُ عند الأصوليين خلافُهُ (¬5).
فإن قلت: كلام الأصوليين في بيان المُجمل بالفعلِ، وليس كذلك ما في الحديث!
قلت: هو في معناه؛ لأنَّ السؤالَ مُقتضٍ لإبهام الأمر عندَ السائل، ومُحوجٌ إلَى بيان ما هو الواقعُ، وما هو مُحتملٌ مع غيره في السؤال.

السادسة: لقائل أنْ يقول: البيانُ بالقولِ أظهرُ من البيانِ بالفعلِ، فِلمَ عُدِلَ عنه إلَى البيانِ بالفعل؟
¬__________
(¬1) "ت": "المواضع".
(¬2) "ت": "كقوله".
(¬3) تقدم تخريجه.
(¬4) انظر: "المحصول" للرازي (3/ 262 - 265)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله.
(¬5) انظر: "مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصبهاني" (2/ 386).

الصفحة 580