المسحِ علَى اختلاف المذاهب فيه (¬1) كفَى مِن غيرِ اشتراط هيئةٍ مخصوصة في ذلك، وإنما الاختلافُ في الهيئةِ المستحبَّهِ، وقد اختلفوا في ذلك بعد اعتبار الاستيعاب علَى مذاهبَ:
المذهب الأول: أنْ يبتدئَ الماسحُ من مبدأ الشعر مما يلي الوجهَ، ويذهبَ بيديه إلَى قفاه، ثم يردهما إلَى المكانِ الذي بدأ منه، وهو مبتدأُ الشعر مما يلي الوجه، ويُستدلُّ له بهذا الحديث (¬2).
إلا أنَّهُ عُورضَ بقولهِ في الحديث: "فأقبَلَ بهما [وأدبَرَ] (¬3) "، فإنَّ الإقبالَ المرورُ [إلَى جهة القُبُل، والإدبارَ المرورُ إلَى جهة الدُّبُر] (¬4)، وعلَى هذهِ الهيئة المذكورة، يكون الإقبالُ المرورَ إلَى جهة الدبر، والإدبارُ المرورَ إلَى جهة القبل، فكان مُقتضَى الصفة المذكورة أنْ يقال: فأدبر بهما وأقبل، وأجيب عن هذا الاعتراض بوجوه:
الأول: أنَّ (الواو) لا تقتضي ترتيبًا فلا فرقَ بين أقبل وأدبر (¬5)، وأدبر وأقبل، فحُمِلَ علَى الثاني؛ لظهورِ الدلالة علَى ذلك من قوله: "بدأ بمقدم رأسه ... " إلَى آخره، وقصورِ دلالة المعارض الذي ذكره عنها، وتؤيدُ ذلك روايةُ البخاري في حديث سليمان بن بلال: "ثمَّ أَخَذَ بيَدَيهِ مَاءً فمَسَحَ رأسَه، فأدبَرَ بيديه وأقبَلَ".
¬__________
(¬1) في الأصل: "به"، والمثبت من "ت".
(¬2) وهذا مذهب مالك والشافعي رحمهما الله.
(¬3) سقط من "ت".
(¬4) سقط من "ت".
(¬5) في الأصل: "فأدبر"، والمثبت من "ت".