كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 3)

وأقبَلَ": علَى أنَّهُ بدأ بمقدم رأسه، وسماه إدبارًا؛ لأنه فعلٌ إلَى الدبرِ، فسماه بما يؤول إليه.
قالَ بعضُ المصنفين: وهي مسألةُ خلافٍ في أصول الفقه، هل يُسمَّى الفعل بمبتدئه، أو بمنتهاه؟ (¬1)
قلت: فعلَى هذا يُقَال أيضًا لمن بدأ بمؤخر رأسِهِ: أقبل؛ باعتبار المُنتهَى (¬2)، فيتساوَى الاصطلاحان، ولكنَّهما يفترقان فيمن بدأ بمقدم رأسه ذاهبًا إلَى مؤخره (¬3)، فصاحب الاصطلاح الأول [لا] (¬4) يقول: أقبل؛ لأنه لمْ يمرَّ إلَى جهة القبل، وصاحب الثاني يقول: أقبل؛ باعتبار الابتداء.
الوجه الرابع: نُقِلَ عن العابدِ المشهور الموصوف بالولايةِ مُحرِزُ ابن خلف المغربي (¬5): أنَّ (أقبل) هاهُنا مأخوذ من (القَبَلِ) في العينِ، وهو ميل الناظر (¬6)، وكثيرًا ما يكون في الخيلِ، يقال: فرسٌ أقبلُ، فمعنى: "أقبل بهما"؛ [أي:] (¬7) أمالهما.
¬__________
(¬1) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (1/ 52).
(¬2) "ت": "اعتبارًا بالمنتهى".
(¬3) "ت": "آخره".
(¬4) سقط من "ت".
(¬5) هو الإمام العابد الزاهد أبو محفوظ محرز بن خلف بن زرين، من نسل أي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وقد تهافتَ عليه الناس لسماع كلامه، توفي سنة (413 هـ).
انظر: "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" لابن مخلوف (2/ 202).
(¬6) في الأصل: "وهو مثل الناظر".
(¬7) زيادة من "ت".

الصفحة 616