كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 3)

قلت: يجوز عندي في قوله تعالى: {بَعْدَ أُمَّةٍ} أن يرجعَ على المدة المتراخية من الزمان تشبيهاً لأجزاء (¬1) المدة بآحاد المدة.
وإذا أضيف (¬2) الأمة إلى الرسول، أريد بها من هو على دينه وطريقته؛ كما في هذا الحديث: "على أمَّتِي"، وإذا لم يُضفْ احتمل أن يراد به أهل الزمن؛ كقوله - عليه السلام -: "لا يسمع بي أحدٌ منْ هذهِ الأمةِ؛ يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ، ثمَّ لم يؤمنْ بي، وبما جئتُ به، إلا كانَ من أهلِ النار" (¬3)؛ أو (¬4) كما قال.

الرابعة: الأمر يُطلق ويُراد به الصيغة المخصوصة، ويطلق ويراد به الفعل والشأن، فقيل: مشترك، وقيل: كالمشترك، وقيل: هو حقيقة في القول المخصوص، وهو الأقرب؛ لسبقه إلى الفهم عند الإطلاق (¬5).
وقال الراغب: لفظ (الأمر) عامٌّ في الأفعال والأقوال كلها، وعلى ذلك يرجع قوله تعالى: {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} [هود: 123]، وقال
¬__________
= وإسناده حسن، وانظر: "مجمع الزوائد" (9/ 416).
وانظر: "مفردات القرآن" للراغب (ص: 86 - 87).
(¬1) في الأصل: "لآخر"، والمثبت من "ت".
(¬2) في الأصل و "ت": "وآحاد صنف"، ولعل الصواب ما أثبت.
(¬3) رواه مسلم (153)، كتاب: الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬4) في الأصل: "و"، والمثبت من "ت".
(¬5) انظر: "مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصبهاني" (2/ 7).

الصفحة 68