كتاب شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (اسم الجزء: 3)

وزعم الفراء: أن لولا ترفع ما بعدها لانعقاد الفائدة.
قال بعضُهم: ويظهر من هذا القول أنَّ الاسمَ ارتفع بعدها؛ لأنه عمدة لا يُستغنى عنه، ولا يَحتاج إلى حَذْفٍ؛ لاستقلال الكلام به، وهو نحو ما زعم ابن الطَّرَاوَة (¬1): أن الاسم بعدها مبتدأ خبرُه (لكان كذا)؛ لأن الفائدة حصلت بقولهم: لكان كذا.
وهذا صحيح؛ أعني: أن الفائدة تصحُّ بالجواب؛ كما تصح في: إنْ قام زيد قام عمرو، ولكنْ ليس كلُّ ما تصح به الفائدة خبراً، فقولُهُ: إن (لكان كذا) خبر (¬2) عن زيد، خطأ، [و] (¬3) كيف يكون خبراً عن زيد، ولا ذكر لزيد فيه؟!
فكلام الفراء أشبه من كلام ابن الطَّرَاوَة؛ لأنهم يقولون: تمت الفائدة بالملفوظ به؛ لأن الخبر المحذوف مفهوم منه؛ كما أن الفائدة تتم بقولهم: إياك؛ لأن الفعل المحذوف مراد مفهوم، ثم حمله على ما قد استقر، حتى لا يكون مسنداً إليه؛ كما لم يكن منصوباً إلا بفعل.
¬__________
(¬1) هو الإمام النحوي سليمان بن محمد بن عبد الله السبأي المالقي، أبو الحسين بن الطراوة، تجول كثيراً في بلاد الأندلس، وله عدة مصنفات منها: "الترشيح" في النحو، و"المقدمات على كتاب سيبويه" وله آراء في النحو تفرد بها. توفي سنة (528 هـ).
انظر: "تكملة الإكمال" لابن نقطة (4/ 18)، و"بغية الوعاة" للسيوطي (ص: 263)، و"الأعلام" للزركلي (3/ 132).
(¬2) "ت": "خبراً"، وهو خطأ.
(¬3) زيادة من "ت".

الصفحة 75