كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط هجر) (اسم الجزء: 3)

فعند ذلك تنفس الشيخ وتكلم بصوت كصوت النحل بالفارسية ونحن نسمع ونفهم فقال سافرت مع أبي وأنا شاب من هذه البلاد إلى الحجاز في تجارة فلما بلغنا بعض أودية مكة، وكان المطر قد ملأ الأودية فرأيت غلاما أسمر اللون مليح الكون حسن الشمائل وهو يرعى إبلا في تلك الأودية وقد حال السيل بينه وبين إبله وهو يخشى من خوض الماء لقوة السيل فعلمت حاله فأتيت إليه وحملته وخضت السيل إلى عند إبله من غير معرفة سابقة فلما وضعته عند إبله نظر إلي وقال بالعربية بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك فتركته ومضيت إلى حال سبيلي إلى أن دخلنا مكة وقضينا ما أتينا له من أمر التجارة وعدنا إلى الوطن فلما تطاولت المدة على ذلك كنا جلوسا في فناء ضيعتنا هذه في ليلة مقمرة ليلة البدر والبدر في كبد السماء إذ نظرنا إليه وقد انشق نصفين فغرب نصف في المشرق ونصف في المغرب ساعة زمانية وأظلم الليل ثم طلع النصف الأول من المشرق والنصف الثاني من المغرب إلى أن التقيا في وسط السماء كما كان أول مرة فتعجبنا من ذلك غاية العجب ولم نعرف لذلك سببا فسألنا الركبان، عَن خبر ذلك وسببه فأخبرونا أن رجلا هاشميا ظهر بمكة وادعى أنه رسول الله إلى كافة العالم وأن أهل مكة سألوه معجزة كمعجزات سائر الأنبياء وأنهم اقترحوا عليه أن يأمر القمر أن ينشق في السماء ويغرب نصفه في المشرق ونصفه في المغرب ثم يعود إلى ما كان عليه ففعل لهم ذلك بقدرة الله تعالى.

الصفحة 598