كتاب الفتاوى العالمكيرية = الفتاوى الهندية (اسم الجزء: 3)

عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى خِيَارِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ عَلَى خِيَارِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْمَأْذُونِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لَا يُسْقِطَانِ إنَّمَا الْمُسْقِطُ لَهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَقِيَ نَائِمًا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ

وَإِنْ سَكِرَ مِنْ الْخَمْرِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَإِنْ سَكِرَ مِنْ الْبَنْجِ فِي الْمُدَّةِ يَبْطُلُ خِيَارُهُ حَتَّى لَوْ زَالَ السُّكْرُ مِنْ الْبَنْجِ فِي الْمُدَّةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ وَهَكَذَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَإِنْ ارْتَدَّ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إجْمَاعًا وَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ بَطَلَ خِيَارُهُ إجْمَاعًا وَإِنْ تَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ بَعْدَهَا تَوَقَّفَ تَصَرُّفُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَذَ عِنْدَهُمَا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفَسْخُهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ أَمَّا بِالْقَوْلِ بِأَنْ يَقُولَ فَسَخْت فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا يَصِحُّ الْفَسْخُ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَضَاءٍ أَوْ رِضًا وَإِنْ كَانَ غَائِبًا لَا يَصِحُّ الْفَسْخُ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ بِالْقَوْلِ أَمَّا إذَا فُسِخَ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ حُكْمًا اتِّفَاقًا فِي الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ وَالْمُرَادُ بِالْغَيْبَةِ عَدَمُ عِلْمِهِ وَبِالْحَضْرَةِ عِلْمُهُ فَلَوْ فُسِخَ فِي غَيْبَتِهِ فَبَلَغَهُ فِي الْمُدَّةِ تَمَّ الْفَسْخُ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بَلَغَهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ تَمَّ الْعَقْدُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْفَسْخِ وَكَذَا إذَا أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدُ فَسْخَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي جَازَ وَبَطَلَ فَسْخُهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ كَمَا إذَا أَعْتَقَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَلَوْ وَهَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ وَإِذَا رَهَنَ وَسَلَّمَ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَإِذَا آجَرَ؛ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فَسْخًا مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِهَا أَنَّهُ يَكُونُ فَسْخًا وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

وَإِذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَى الْمُشْتَرِي قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ سَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ سَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ بَطَلَ خِيَارُهُ هَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ لَوْ وُجِدَ مِنْهُ فِي الثَّمَنِ لَكَانَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ يَكُونُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ دَلَالَةً. كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ وَهَبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِذَلِكَ الثَّمَنِ يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَإِبْرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَكَذَا لَوْ سَاوَمَهُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ شَيْئًا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ

وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِذَلِكَ الثَّمَنِ بَطَلَ خِيَارُهُ وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَأَوْفَاهُ الْمُشْتَرِي فَقَبَضَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ فِي الْمُدَّةِ يَنْفُذُ إبْرَاءُ الْبَائِعِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الثَّمَنَ إذَا كَانَ شَيْئًا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَإِذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَذَلِكَ إمْضَاءٌ لِلْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ شَيْئًا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالدَّرَاهِمِ فَتَصَرَّفَ فِيهِ بَعْدَمَا قَبَضَ مَعَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِإِمْضَاءٍ لِلْبَيْعِ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ

الصفحة 43