كتاب أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (اسم الجزء: 3)

مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَشُعَيْبٌ وَمَعْمَرٌ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ عَنْ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عُرْوَةَ
فَذَكَرَ فِيهِ مَقَادِيرَ الْفَيْءِ عَلَى نَحْوِ مَا قَدَّمْنَا
فَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ يُرْوَى عَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَذَكَرَ فِي أَحَدِهِمَا أَنَّهُ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الظُّهْرَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي جَاءَهُ حِينَ صار ظل كل شيء مثليه فَقَالَ قُمْ فَصَلِّ الْعَصْرَ وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ مِقْدَارَ الْفَيْءِ وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ لَمْ تَدْخُلْهَا صُفْرَةٌ
وَقَدْ رُوِيَتْ أَخْبَارٌ فِي تَعْجِيلِ الْعَصْرِ قَدْ يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ يَقُولُ بِالْمِثْلِ وَفِيهَا احْتِمَالٌ لِمَا قَالُوهُ وَلِغَيْرِهِ فَلَا تَثْبُتُ بِمِثْلِهَا حُجَّةٌ فِي إثْبَاتِ الْمِثْلِ دُونَ غَيْرِهِ إذْ لَا حُجَّةَ فِي الْمُحْتَمَلِ مِنْهَا
حَدِيثُ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْعَوَالِي فَيَجِدُهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْعَصْرَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْعَوَالِي عَلَى الْمِيلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ
وَرَوَى أَبُو وَاقَدٍ اللَّيْثِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَرْوَى قَالَ كُنْت أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ أَمْشِي إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشمس
وفي حديث أسامة ابن زَيْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ مُرْتَفِعَةٌ يَسِيرُ الرَّجُلُ حِينَ يَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ سِتَّةَ أَمْيَالٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ يظهر الفيء وفي لفظ آخر لم يفيء الفيء بعد
وليس فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ ذِكْرُ تَحْدِيدِ الْوَقْتِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُضِيِّ إلَى الْعَوَالِي وَذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَيْسَ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ مِنْهُ عَلَى مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْإِبْطَاءِ وَالسُّرْعَةِ فِي الْمَشْيِ وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَسْتَدِلُّ
بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ
عَلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الْمِثْلِ وَقْتٌ لِلظُّهْرِ لِأَنَّ الْإِبْرَادَ لَا يَكُونُ عِنْدَ الْمِثْلِ بَلْ أَشَدُّ مَا يَكُونُ الْحَرُّ في الصيف عند ما يَصِيرُ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَمَنْ قَالَ بِالْمِثْلِ يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ
بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِالْهَجِيرِ عِنْدَ الزَّوَالِ
وَالْفَيْءُ قَلِيلٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي فِي الشَّمْسِ أَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ
قَالَ خَبَّابٌ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا ثُمَّ قَالَ أَبْرِدُوا بالظهر فأمرهم أن يصلوها بعد ما يَفِيءُ الْفَيْءُ
فَهَذَا هُوَ الْإِبْرَادُ الْمَأْمُورُ بِهِ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِالْمِثْلِ وَأَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ تَرُدُّهُ الْأَخْبَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي الْمَوَاقِيتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي

الصفحة 254