كتاب المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة (اسم الجزء: 3)

[بَابُ زَكَاةِ الزُّرُوع وَالثِّمَارِ]
ِ وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: ٢٦٧] وَالزَّكَاةُ تُسَمَّى نَفَقَةً، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَقُّهُ: الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ. وَقَالَ مَرَّةً: الْعُشْرُ، وَنِصْفُ الْعُشْرِ. . وَمِنْ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ، «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَكَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ» . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ «سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد. وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ.
قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ

[مَسْأَلَةُ نِصَاب زَكَاة الزُّرُوع وَالثِّمَار]
(١٨٢٣) مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ (وَكُلُّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْأَرْضِ مِمَّا يَيْبَسُ وَيَبْقَى، مِمَّا يُكَالُ وَيَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا، فَفِيهِ الْعُشْرُ، إنْ كَانَ سَقْيُهُ مِنْ السَّمَاءِ والسوح، وَإِنْ كَانَ يُسْقَى بِالدَّوَالِي وَالنَّوَاضِحِ وَمَا فِيهِ الْكَلَفُ، فَنِصْفُ الْعُشْرِ) .
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامٍ؛ مِنْهَا، أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِيمَا جَمَعَ هَذِهِ الْأَوْصَافَ: الْكَيْلُ، وَالْبَقَاءُ، وَالْيُبْسُ، مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، مِمَّا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ، إذَا نَبَتَ فِي أَرْضِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قُوتًا، كَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالسُّلْتِ، وَالْأُرْزِ، وَالذُّرَةِ، وَالدُّخْنِ، أَوْ مِنْ الْقُطْنِيَّاتِ، كَالْبَاقِلَّا، وَالْعَدَسِ، وَالْمَاشِ وَالْحِمَّصِ، أَوْ مِنْ الْأَبَازِيرِ، كَالْكُسْفُرَةِ، وَالْكَمُّونِ، وَالْكَرَاوْيَا، أَوْ الْبُزُورِ، كَبَزْرِ

الصفحة 3