كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

كون ذلك مخوّفاً لعباد الله تعالى.
قوله: (وإنّهما لا ينكسفان لموت أحدٍ من النّاس. ولا لحياته) في حديث أبي بكرة عند البخاري بيان سبب هذا القول. ولفظه " وذلك أنّ ابناً للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقال له إبراهيم مات , فقال النّاس في ذلك ".
وفي رواية ابن حبّان " فقال النّاس: إنّما كسفت الشّمس لموت إبراهيم ". ولأحمد والنّسائيّ وابن ماجه وصحّحه ابن خزيمة وابن حبّان من رواية أبي قلابة عن النّعمان بن بشير قال: انكسفت الشّمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج فزعاً يجرّ ثوبه حتّى أتى المسجد، فلم يزل يُصلِّي حتّى انجلت، فلمّا انجلت قال: إنّ النّاس يزعمون أنّ الشّمس والقمر لا ينكسفان إلاَّ لموت عظيم من العظماء، وليس كذلك " الحديث.
وفي الباب (¬1) عن جابر عند مسلم , وعن عبد الله بن عمرو والنعمان بن بشير وقبيصة وأبي هريرة كلها عند النسائي وغيره , وعن ابن مسعود وسمرة بن جندب ومحمود بن لبيد كلها عند أحمد وغيره , وعن عقبة بن عامر وبلال عند الطبراني وغيره.
فهذه عدّة طرق غالبها على شرط الصّحّة، وهي تفيد القطع عند من اطّلع عليها من أهل الحديث بأنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قاله، فيجب تكذيب من زعم أنّ الكسوف علامة على موت أحد أو حياة أحد.
¬__________
(¬1) سوى الأحاديث التي في الباب مما اتفق الشيخان عليها.
وقد رواه أيضاً أبو بكرة والمغيرة وابن عبّاس وابن عمر وغيرهم. وكلها في الصحيح.

الصفحة 329