كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وفيه ذكر الخطبة. ولَم يقل به أصحابه.
وأجاب بعضهم: بأنّه - صلى الله عليه وسلم - لَم يقصد لها خطبة بخصوصها، وإنّما أراد أن يبيّن لهم الرّدّ على من يعتقد أنّ الكسوف لموت بعض النّاس.
وتعقّب: بما في الأحاديث الصّحيحة من التّصريح بالخطبة , وحكاية شرائطها من الحمد والثّناء والموعظة وغير ذلك ممّا تضمّنته الأحاديث، فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف، والأصل مشروعيّة الاتّباع، والخصائص لا تثبت إلاَّ بدليلٍ.
وقد استضعف ابن دقيق العيد التّأويل المذكور , وقال: إنّ الخطبة لا تنحصر مقاصدها في شيء معيّن، بعد الإتيان بما هو المطلوب منها من الحمد والثّناء والموعظة، وجميع ما ذكر من سبب الكسوف وغيره هو من مقاصد خطبة الكسوف، فينبغي التّأسّي بالنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيذكر الإمام ذلك في خطبة الكسوف.
نعم. نازع ابن قدامة في كون خطبة الكسوف كخطبتي الجمعة والعيدين، إذ ليس في الأحاديث المذكورة ما يقتضي ذلك.
وإلى ذلك نحا ابن المنير في حاشيته , وردّ على من أنكر أصل الخطبة لثبوت ذلك صريحاً في الأحاديث , وذكر أنّ بعض أصحابهم احتجّ على ترك الخطبة , بأنّه لَم ينقل في الحديث أنّه صعد المنبر، ثمّ زيّفه بأنّ المنبر ليس شرطاً، ثمّ لا يلزم من أنّه لَم يذكر أنّه لَم يقع.
واستدل به على أنّ الانجلاء لا يُسقط الخطبة، بخلاف ما لو انجلت قبل أن يشرع في الصّلاة فإنّه يسقط الصّلاة والخطبة، فلو

الصفحة 340