كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

النّوويّ في صفة الصّلاة في شرح المهذّب قدر ثلاثين حديثاً.
ووجه الجمع بينها وبين قول أنس: كان لا يرفع يديه إلاَّ في الاستسقاء , وإنه يرفع حتى يرى بياض إبطيه. متفق عليه.
فذهب بعضهم: إلى أنّ العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره.
وذهب آخرون: إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع , بأن يحمل النّفي على صفة مخصوصة , إمّا الرّفع البليغ فيدلّ عليه قوله " حتّى يرى بياض إبطيه ".
ويؤيّده أنّ غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدّعاء إنّما المراد به مدّ اليدين وبسطهما عند الدّعاء، وكأنّه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهه حتّى حاذتاه , وبه حينئذٍ يُرى بياض إبطيه.
وأمّا صفة اليدين في ذلك , فلِما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسقى فأشار بظهر كفّيه إلى السّماء , ولأبي داود من حديث أنس أيضاً: كان يستسقي هكذا ومدّ يديه - وجعل بطونهما ممّا يلي الأرض - حتّى رأيت بياض إبطيه.
قال النّوويّ: قال العلماء: السّنّة في كلّ دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفّيه إلى السّماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفّيه إلى السّماء. انتهى.
وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفّين في الاستسقاء دون

الصفحة 384