كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وإلاَّ فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإمام وحده.
ويرجّحه ما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود. ولفظه " ثمّ سلَّم , فقام هؤلاء. أي: الطّائفة الثّانية. فقضوا لأنفسهم ركعة ثمّ سلَّموا، ثمّ ذهبوا , ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعةً , ثمّ سلموا ".
وظاهره أنّ الطّائفة الثّانية وَالَتْ بين ركعتيها , ثمّ أتمّت الطّائفة الأولى بعدها.
ووقع في الرّافعيّ تبعاً لغيره من كتب الفقه , أنّ في حديث ابن عمر هذا أنّ الطّائفة الثّانية تأخّرت ,وجاءت الطّائفة الأولى فأتمّوا ركعة، ثمّ تأخّروا وعادت الطّائفة الثّانية فأتمّوا، ولَم نقف على ذلك في شيءٍ من الطّرق، وبهذه الكيفيّة أخذ الحنفيّة.
واختار الكيفيّة التي في حديث ابن مسعود. أشهب والأوزاعيّ، وهي الموافقة لحديث سهل بن أبي حثمة من رواية مالك عن يحيى بن سعيد.
واستدل بقوله " طائفة " على أنّه لا يشترط استواء الفريقين في العدد، لكن لا بدّ أن تكون التي تحرس يحصل الثّقة بها في ذلك، والطّائفة تطلق على الكثير والقليل حتّى على الواحد، فلو كانوا ثلاثة ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يُصلِّي بواحد. ويحرس واحدٌ ثمّ يُصلِّي الآخر، وهو أقلّ ما يتصوّر في صلاة الخوف جماعة على القول بأقل الجماعة مطلقاً.

الصفحة 390