كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وأهل المغازي ذكروا في تسميتها بذلك أموراً غير هذا.
قال ابن هشام وغيره: سُمّيت بذلك لأنّهم رقّعوا فيها راياتهم، وقيل: بشجرٍ بذلك الموضع يقال له ذات الرّقاع، وقيل: بل الأرض التي كانوا نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرّقاع، وقيل: لأنّ خيلهم كان بها سواد وبياض. قاله ابن حبّان.
وقال الواقديّ: سُمّيت بجبلٍ هناك فيه بقعٌ، وهذا لعله مستند ابن حبّان , ويكون قد تصحّف جبلٌ بخيلٍ.
وبالجملة. فقد اتّفقوا على غير السّبب الذي ذكره أبو موسى، لكن ليس ذلك مانعاً من اتّحاد الواقعة ولازماً للتّعدّد، وقد رجّح السّهيليّ السّبب الذي ذكره أبو موسى، وكذلك النّوويّ , ثمّ قال: ويحتمل أن تكون سُمّيت بالمجموع.
وأغرب الدّاوديّ , فقال: سُمّيت ذات الرّقاع لوقوع صلاة الخوف فيها. فسمّيت بذلك لترقيع الصّلاة فيها.
وممّا يدلّ على التّعدّد. أنّه لَم يتعرّض أبو موسى في حديثه إلى أنّهم صلوا صلاة الخوف ولا أنّهم لقوا عدوّاً، ولكنّ عدم الذّكر لا يدلّ على عدم الوقوع، فإنّ أبا هريرة في ذلك نظير أبي موسى , لأنّه إنّما جاء إلى النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فأسلم , والنّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، ومع ذلك فقد ذكر في حديثه , أنّه صلَّى مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف في غزوة نجد.
وكذلك عبد الله بن عمر ذكر أنّه صلَّى مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بنجدٍ، وقد تقدّم أنّ أوّل مشاهده الخندق , فتكون ذات الرّقاع بعد

الصفحة 396