كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وقال السّهيليّ: اختلف العلماء في التّرجيح.
فقالت طائفةٌ: يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن.
وقالت طائفةٌ: يجتهد في طلب الأخير منها فإنّه النّاسخ لِمَا قبله.
وقالت طائفة: يؤخذ بأصحّها نقلاً وأعلاها رواة.
وقالت طائفة: يؤخذ بجميعها على حساب اختلاف أحوال الخوف، فإذا أشتدّ الخوف أخذ بأيسرها مؤنةً، والله أعلم.
قوله: (الرجل الذي صلَّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو سهل بن أبي حثمة) بفتح المهملة وسكون المثنّاة. واسمه عبد الله , وقيل: عامر , وقيل: اسم أبيه عبد الله وأبو حثمة جدّه. واسمه عامر بن ساعدة، وهو أنصاريّ من بني الحارث بن الخزرج.
اتّفق أهل العلم بالأخبار على أنّه كان صغيراً في زمن النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , إلاَّ ما ذكر ابن أبي حاتم عن رجلٍ من ولد سهلٍ , أنّه حدّثه أنّه بايع تحت الشّجرة , وشهد المشاهد إلاَّ بدراً , وكان الدّليل ليلة أحدٍ.
وقد تعقّبَ هذا جماعةٌ من أهل المعرفة , وقالوا: إنّ هذه الصّفة لأبيه، وأمّا هو فمات النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان سنين، وممّن جزم بذلك الطّبريّ وابن حبّان وابن السّكن وغير واحد.
وعلى هذا فتكون روايته لقصّة صلاة الخوف مرسلة , ويتعيّن أن يكون مراد صالح بن خوّاتٍ ممّن شهد مع النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف غيره، والذي يظهر أنّه أبوه كما تقدّم. والله أعلم.

الصفحة 400