كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وقال ابن بزيزة وغيره: استدل به بعض المالكيّة وهو باطلٌ , لأنّه ليس فيه صيغة نهي، ولاحتمال أن يكون خرج بهم إلى المصلَّى لأمرٍ غير المعنى المذكور، وقد ثبت أنّه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على سهيل بن بيضاء في المسجد (¬1)، فكيف يترك هذا الصّريح لأمرٍ محتمل؟.
بل الظّاهر أنّه إنّما خرج بالمسلمين إلى الْمُصلَّى لقصد تكثير الجمع الذين يصلّون عليه، ولإشاعة كونه مات على الإسلام، فقد كان بعض النّاس لَم يدْرِ كونه أسلم.
فقد روى ابن أبي حاتم في " التّفسير " من طريق ثابت , والدّارقطنيّ في " الأفراد " والبزّار من طريق حميدٍ كلاهما عن أنس , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا صلَّى على النّجاشيّ , قال بعض أصحابه: صلَّى على عِلْج من الحبشة، فنزلت (وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أُنزل إليكم) الآية.
وله شاهد في معجم الطّبرانيّ " الكبير " من حديث وحشيّ بن حرب , وآخر عنده في " الأوسط " من حديث أبي سعيد , وزاد فيه. أنّ الذي طعن بذلك فيه كان منافقاً.
واستدل به.
وهو القول الأول: على مشروعيّة الصّلاة على الميّت الغائب عن البلد. بذلك قال الشّافعيّ وأحمد وجمهور السّلف، حتّى قال ابن حزم: لَم يأت عن أحدٍ من الصّحابة منعه.
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في " صحيحه " (2297) من حديث عائشة رضي الله عنها.

الصفحة 419