كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وفي الحديث الصّلاة على القبر بعدما يدفن , وهي من المسائل المختلف فيها.
قال ابن المنذر: قال بمشروعيّته الجمهور، ومنعه النّخعيّ ومالك وأبو حنيفة، وعنهم: إن دُفن قبل أن يُصلَّى عليه شرع , وإلاّ فلا.
وأشار ابن حبان إلى أنّ بعض المخالفين احتجّ بهذه الزّيادة من حديث أبي هريرة " إنّ هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإنّ الله ينوّرها عليهم بصلاتي " (¬1) على أنّ ذلك من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -.
ثمّ ساق من طريق خارجة بن زيد بن ثابت نحو هذه القصّة وفيها " ثمّ أتى القبر فصففنا خلفه , وكبّر عليه أربعاً ".
قال ابن حبّان: في ترك إنكاره - صلى الله عليه وسلم - على من صلَّى معه على القبر بيان
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (438) ومسلم (1588) من طريق حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أبي رافع عن أبي هريرة، أنَّ امرأة سوداء كانت تقم المسجد - أو شاباً - ففقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عنها أو عنه؟ فقالوا: مات، قال: أفلا كنتم آذنتموني؟ قال: فكأنهم صغروا أمرها أو أمره. فقال: دلُّوني على قبره. فدلّوه، فصلَّى عليها.
زاد مسلم عن أبي كامل عن حماد. ثم قال: إن هذه القبور مملوءةٌ ظُلمة على أهلها، وإنَّ الله عز وجل ينوّرها لهم بصلاتي عليهم.
قال الشارح في " الفتح " (1/ 553): وإنما لَم يخرِّج البخاري هذه الزيادة , لأنها مدرجة في هذا الإسناد , وهي من مراسيل ثابت. بيَّن ذلك غيرُ واحد من أصحاب حماد بن زيد , وقد أوضحتُ ذلك بدلائله في كتاب " بيان المدرج ".
قال البيهقي: يغلب على الظن أنَّ هذه الزيادة من مراسيل ثابت كما قال أحمد بن عبدة. أو من رواية ثابت عن أنس.
يعني: كما رواه ابن منده , ووقع في مسند أبي داود الطيالسي عن حماد بن زيد وأبي عامر الخزاز كلاهما عن ثابت بهذه الزيادة. وزاد بعدها , فقال رجلٌ من الأنصار: إن أبي أو أخي مات أو دفن فصلِّ عليه. قال: فانطلق معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى

الصفحة 427