كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

حجّه قُبل، وذلك غير محقّق لغيره.
وتعقّبه ابن دقيق العيد: بأنّ هذه العلة إنّما ثبتت لأجل الإحرام فتعمّ كلّ محرم، وأمّا القبول وعدمه فأمر مغيّب.
واعتلَّ بعضهم: بقوله تعالى (وأن ليس للإنسان إلاَّ ما سعى) وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلاَّ من ثلاث (¬1). وليس هذا منها فينبغي أن ينقطع عمله بالموت.
وأجيب: بأنّ تكفينه في ثوبي إحرامه وتبقيته على هيئة إحرامه من عمل الحيّ بعده كغسله والصّلاة عليه فلا معنى لِمَا ذكروه.
وقال ابن المنير في الحاشية: وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في الشّهداء: زمّلوهم بدمائهم. مع قوله: والله أعلم بمن يُكلَم في سبيله. فعمّم الحكم في الظّاهر بناء على ظاهر السّبب فينبغي أن يعمّم الحكم في كلّ محرم، وبين الْمُجاهد والْمُحرم جامع , لأنّ كلاً منهما في سبيل الله.
وقد اعتذر الدّاوديّ عن مالك , فقال: لَم يبلغه هذا الحديث.
وأورد بعضهم: أنّه لو كان إحرامه باقياً لوجب أن يكمل به المناسك. ولا قائل به.
وأجيب: بأنّ ذلك ورد على خلافه الأصل فيقتصر به على مورد النّصّ , ولا سيّما وقد وضح أنّ الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشّهيد.
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم (4310) من حديث أبي هريرة. وتمامه " من صدقةٍ جاريةٍ , أو علمٍ ينتفع به , أو ولدٍ صالحٍ يدعو له.

الصفحة 453