كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

أعلم.
ومقابل هذا قول ابن حزم: إنَّ زيارة القبور واجبةٌ. ولو مرة واحدة في العمر , لورود الأمر به.
واختلف في النساء. فقيل: دخلن في عموم الإذن وهو قول الأكثر، ومحله ما إذا أمنت الفتنة.
ويؤيد الجواز حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: اتقي الله واصبري. (¬1)
، وموضع الدلالة منه أنه - صلى الله عليه وسلم - لَم ينكر على المرأة قعودها عند القبر، وتقريره حجة.
وممن حمل الإذن على عمومه للرجال والنساء عائشة. فروى الحاكم من طريق ابن أبي مُلَيْكة , أنه رآها زارت قبر أخيها عبد الرحمن , فقيل لها: أليس قد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ قالت: نعم، كان نهى ثم أمر بزيارتها.
وقيل: الإذن خاص بالرجال ولا يجوز للنساء زيارة القبور، وبه جزم الشيخ أبو إسحاق في " المهذب ". واستدل له بحديث عبد الله بن عمرو الذي تقدم. وبحديث " لعن الله زوَّارات القبور " أخرجه الترمذي وصححه من حديث أبي هريرة، وله شاهد من حديث ابن عباس ومن حديث حسان بن ثابت.
واختلف مَن قال بالكراهة في حقهنَّ. هل هي كراهة تحريم أو
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري (1283) ومواضع أخرى. ومسلم (629)

الصفحة 461