كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

له العلاء بن زياد: أهكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل؟ قال: نعم. (¬1)
وحكى ابن رشيد عن ابن المرابط , أنّه أبدى لكونها نفساء عِلَّة مناسبة , وهي استقبال جنينها ليناله من بركة الدّعاء.
وتعقّب: بأنّ الجنين كعضوٍ منها، ثمّ هو لا يُصلَّى عليه إذا انفرد وكان سقطاً (¬2) فأحرى إذا كان باقياً في بطنها أن لا يقصد. والله أعلم.
¬__________
(¬1) سنن أبي داود (3194) والترمذي (1034). ورواه الإمام أحمد (12180) والطيالسي (2149)، وابن ماجه (1494) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/ 491) والبيهقي (4/ 33) والضياء في " المختارة " (7/ 241) من طرق عن أبي غالب به.
وقال الترمذي: حديث حسن. وقال الضياء: إسناده صحيح.
قال ابن الملقن في " البدر المنير " (5/ 257): قال الرافعي: ورأيت أبا علي الطبري حكى عن أنس في هذا الرجل " أنه وقف عند صدره ".
قلت: هذه الرواية غريبة، لا أعلم من خرجها. وقال النووي في " شرح المهذب ": إن هذا غلَطٌ صَرِيحٌ. قال: والصواب الموجود في كتب الحديث " أنه وقف عند رأسه ". انتهى كلامه
(¬2) قال الشيخ ابن باز (3/ 257): القول بعدم الصلاة على السقط ضعيف , والصواب شرعية الصلاة عليه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه , وكان محكوماً بإسلامه , لأنه ميت مسلم فشُرعت الصلاة عليه كسائر المسلمين , ولِما روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن المغيرة بن شعبة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: والسقط يُصلَّى عليه ويُدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. وإسناده حسن. والله أعلم. انتهى
قلت: هذا الحديث الذي ذكره الشيخ ابن باز رحمه الله لم يغب عن ابن حجر رحمه الله , فقد أورده في " التلخيص " (2/ 231) وذكر أنَّ الدارقطني والطبراني أعلاَّه بالوقف , وذكر أيضاً حديث جابر - رضي الله عنه - نحوه. وأعلّه بالوقف أيضاً كما سيأتي في كلامه
وقال في " الفتح " (11/ 489): في شرح حديث ابن مسعود رفعه " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح .. الحديث.
واستدل به على أنَّ السقط بعد الأربعة أشهر يُصلَّى عليه , لأَنَّه وقت نفخ الروح فيه , وهو منقول عن القديم للشافعي والمشهور عن أحمد وإسحاق.
وعن أحمد: إذا بلغ أربعة أشهر وعشراً ففي تلك العشر ينفخ فيه الروح ويُصلَّى عليه والراجح عند الشافعية , أنه لا بدَّ من وجود الروح. وهو الجديد. وقد قالوا: فإذا بكى أو اختلج أو تنفَّس ثم بطل ذلك صُلِّي عليه , وإلاَّ فلا.
والأصل في ذلك. ما أخرجه النسائي وصحَّحه ابن حبان والحاكم عن جابر رفعه: إذا استهلَّ الصبي ورث وصلِّي عليه. وقد ضعَّفه النووي في شرح المهذب.
والصواب أَنَّه صحيح الإسناد , لكنَّ الْمُرجَّح عند الحفاظ وقفه. وعلى طريق الفقهاء لا أثر للتعليل بذلك , لأنَّ الحكم للرفع لزيادته. قالوا: وإذا بلغ مائة وعشرين يوماً غُسِّل وكُفِّن ودُفن بغير صلاة. وما قبل ذلك لا يُشرع له غسل ولا غيره. انتهى

الصفحة 469