كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

فروع الدّين , وإن كان معه أصله، حكاه ابن العربيّ.
ويظهر لي أنّ هذا النّفي يفسّره التّبرّي المتقدّم في حديث أبي موسى (¬1) حيث قال: برئ منه النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - " وأصل البراءة الانفصال من الشّيء، وكأنّه توعّده بأن لا يدخله في شفاعته مثلاً.
وقال المُهلَّب: قوله " أنا بريء " أي: من فاعل ما ذكر وقت ذلك الفعل، ولَم يرد نفيه عن الإسلام.
قلت: بينهما واسطة تعرف ممّا تقدّم أوّل الكلام، وهذا يدلّ على تحريم ما ذكر من شقّ الجيب وغيره. وكأنّ السّبب في ذلك ما تضمنّه ذلك من عدم الرّضا بالقضاء.
فإن وقع التّصريح بالاستحلال مع العلم بالتّحريم أو التّسخّط مثلاً بما وقع , فلا مانع من حمل النّفي على الإخراج من الدّين.
قوله: (ضرب الخدود) وللبخاري " لطم الخدود " خصّ الخدّ بذلك لكونه الغالب في ذلك، وإلا فضرب بقيّة الوجه داخل في ذلك.
قوله: (وشقّ الجيوب) جمع جيب بالجيم الموحّدة وهو ما يفتح من الثّوب ليدخل فيه الرّأس، والمراد بشقّه إكمال فتحه إلى آخره وهو من علامات التّسخّط.
قوله: (ودعا بدعوى الجاهليّة) في رواية مسلم " بدعوى أهل الجاهليّة "، أي من النّياحة ونحوها، وكذا النّدبة كقولهم: واجبلاه،
¬__________
(¬1) حديث أبي موسى - رضي الله عنه - تقدّم برقم (169).

الصفحة 483