كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

وذهب إلى القبر وحده فحضر الدّفن لَم يحصل له إلاَّ قيراط واحد. انتهى
وليس في الحديث ما يقتضي ذلك إلاَّ من طريق المفهوم، فإن ورد منطوق بحصول القيراط لشهود الدّفن وحده كان مقدّماً.
ويُجمع حينئذٍ بتفاوت القيراط، والذين أبوا ذلك جعلوه من باب المطلق والمقيّد.
نعم. مقتضى جميع الأحاديث أنّ من اقتصر على التّشييع فلم يصلِّ , ولَم يشهد الدّفن فلا قيراط له إلاَّ على الطّريقة التي سنذكرها عن ابن عقيل، لكن الحديث عن البراء (¬1) في ذلك ضعيف.
وأمّا التّقييد بالإيمان والاحتساب فلا بدّ منه , لأنّ ترتّب الثّواب على العمل يستدعي سبق النّيّة فيه , فيخرج من فعل ذلك على سبيل المكافأة المجرّدة , أو على سبيل المحاباة. والله أعلم.
قوله: (فله قيراطٌ) القيراط بكسر القاف. قال الجوهريّ: أصله قرّاط بالتّشديد لأنّ جمعه قراريط فأبدل من أحد حرفي تضعيفه ياء قال: والقيراط نصف دانق. وقال قبل ذلك: الدّانق سدس الدّرهم.
¬__________
(¬1) كذا قال الشارح رحمه الله , ولعلَّ الصواب (أبو هريرة) كما سيورده الشارح بعد قليل لتقوية كلام ابن عقيل.
مَّا حديث البراء. فأخرجه النسائي (1940) - وقد عزاه الشارح له كما تقدم - من طريق برد أخي يزيد بن أبي زياد عن المسيّب بن رافع، قال: سمعت البراء بن عازب يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من تبع جنازة حتى يُصلَّى عليها كان له من الأجر قيراط، ومن مشى مع الجنازة حتى تُدفن كان له من الأجر قيراطان، والقيراط مثل أحد.
إسناده جيد , وبُرد وثّقه العجلي والنسائي , وذكره ابن حبان في الثقات

الصفحة 489