كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 3)

كلباً نقص من عمله كلّ يوم قيراط. (¬1)
وقد جاء تعيين مقدار القيراط في حديث الباب بأنّه مثل أحد كما سيأتي الكلام عليه، وفي رواية عند أحمد والطّبرانيّ في " الأوسط " من حديث ابن عمر , قالوا: يا رسولَ الله مثل قراريطنا هذه؟ قال: لا. بل مثل أحد.
قال النّوويّ وغيره: لا يلزم من ذِكر القيراط في الحديثين تساويهما , لأنّ عادة الشّارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها. والله أعلم.
وقال ابن العربيّ القاضي: الذّرّة جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءاً من حبّة , والحبّة ثلث القيراط، فإذا كانت الذّرّة تخرج من النّار. فكيف بالقيراط؟ قال: وهذا قدر قيراط الحسنات، فأمّا قيراط السّيّئات فلا.
وقال غيره: القيراط في اقتناء الكلب جزء من أجزاء عمل المقتنى له في ذلك اليوم، وذهب الأكثر: إلى أنّ المراد بالقيراط في حديث الباب جزء من أجزاء معلومة عند الله؛ وقد قرّبها النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - للفهم بتمثيله القيراط بأحدٍ.
قال الطّيبيّ: قوله " مثل أحد " تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط، والمراد منه أنّه يرجع بنصيبٍ كبير من الأجر، وذلك لأنّ لفظ القيراط مبهم من وجهين، فبيّن الموزون بقوله " من الأجر " وبيّن المقدار المراد منه بقوله " مثل أحد ".
¬__________
(¬1) انظر الحديث الآتي في الصيد (392)

الصفحة 492