كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 3)

(بوجناح) و (ابن زاهوت) قويا في كل المجالات الحيوية في دولة الجزائر. وكانا على علم بأحوال البلاد الداخلية، وكانا يتجسسان على المواطنين الجزائريين لصالح الحكام. وإذا كان (ابن زاهوت) قد حدد فعالياته في مجال التجارة، فإن (بوجناح) قد تجاوز ذلك إلى حدود نشاط الدولة، فكان يرفع الموظفين والبايات ممن يخضعون له ويدمر من يقاومه أو يعترض سبيله، مما جعل الجزائريين يطلقون عليه اسم (ملك الجزائر). وبلغ من نفوذه أنه كان يستقبل هو وزملاءه - باسم الباشا - القناصل الأجانب، كما فعل مع قنصل الدانمارك والسويد وهولاندا (سنة 1801 م) كما قام هو وشركاءه اليهود بالمفاوضات من الجزائر والبرتغال. وفي سنة (1804 م) استقبل مبعوث السلطان إلى الجزائر. وتجاوز نشاط اليهوديين الحزائر، وتطور ليشمل البحر الأبيض المتوسط، فأصبحت لهما مراكزهما التجارية في مرسيليا وجنوا ونابولي وأزمير والإسكندرية وتونس وليفورنيا وقرطاجنة (الإسبانية) ومنطقة الراين وبلجيكا. وأصبح لهما بالتالي نفوذهما الواسع لدى الدول الكبيرة أو الصغيرة نظرا لما كانا يقدمانه من قروض - وعمولات - للمتعاونين معهما. وكان هذين اليهوديين مدينين للدولة الجزائرية في حين كانت فرنسا مدينة لليهوديين بمبلغ تم تقديره في سنة 1795 م بمبلغ مليونين من الفرنكات. أما دين اليهوديين للجزائر فقدر بمبلغ (300) ألف فرنك. وعين اليهوديان ممثلا لهما في مرسيليا هو (يعقوب البكري) الذي لم يلبث أن نقل نشاطه إلى باريس. وقد ثار الرأي العام الإفرنسي ضد نفوذ اليهود الجزائريين في فرنسا، ولكن الوزير الإفرنسي (تاليران) الذي كسبه اليهود، تدخل لمصلحتهم، وحمل الحكومة الإفرنسية على التراجع عن تنفيذ الإجراءات التي كانت

الصفحة 177