كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 3)

(فَسَدَ) الْعَقْدُ (كَاشْتِرَاطِهِ رَبُّهُ) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ لِنَفْسِهِ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ لِنَيْلِهِ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِذَا لَوْ كَانَ بَعْلًا أَوْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا يُسْقَى بِمَاءٍ عَلَى حِدَةٍ لَجَازَ لِرَبِّهِ اشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ (وَأُلْغِي) الْبَيَاضُ الْمُسْتَوْفِي الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ (لِلْعَامِلِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْبَيَاضَ يَسِيرٌ بِأَنْ كَانَ كِرَاؤُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يُلْغَ وَكَانَ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ

(وَدَخَلَ) لُزُومًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا) بِأَنْ سَاقَاهُ عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ شَجَرٌ هُوَ تَابِعٌ لِلزَّرْعِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ كَأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الثَّمَرِ عَلَى الْمُعْتَادِ بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهِ فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الزَّرْعِ فَإِذَا قِيلَ مِائَتَانِ عُلِمَ أَنَّ الشَّجَرَ تَبَعٌ فَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا وَيَكُونُ بَيْنَهَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّهِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ أَيْ يَدْخُلُ زَرْعٌ تَبِعَ شَجَرًا (وَجَازَ زَرْعٌ وَشَجَرٌ) أَيْ مُسَاقَاتُهُمَا مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ بَلْ (، وَإِنْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (غَيْرَ تَبَعٍ) بِأَنْ تَسَاوَيَا أَوْ تَقَارَبَا لَكِنْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا اُعْتُبِرَ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ شُرُوطُ كُلٍّ.
(وَ) جَازَ (حَوَائِطُ) أَيْ مُسَاقَاتُهَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) تِلْكَ الْحَوَائِطُ فِي الْأَنْوَاعِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا نَخْلًا وَبَعْضُهَا رُمَّانًا وَبَعْضُهَا عِنَبًا (بِجُزْءٍ) مُتَّفِقٍ فِي الْجَمِيعِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ إنْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ فَإِنْ اخْتَلَفَ لَمْ يَجُزْ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مُسَاقَاتُهَا (فِي صَفَقَاتٍ) مُتَعَدِّدَةٍ فَيَجُوزُ اخْتِلَافُ الْجُزْءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ

(وَ) جَازَ (غَائِبٌ) أَيْ مُسَاقَاةُ حَائِطِ غَائِبٍ وَلَوْ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ وُصِفَ) مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَامِلِ أَوْ كَانَ وَلَكِنْ كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ فِي الْبَيَاضِ وَفِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ كِرَاؤُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ لِنَيْلِهِ إلَخْ الْأَوْلَى إذَا كَانَ يَنَالُهُ شَيْءٌ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ.
(قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْفَسَادِ لِنَيْلِ الْبَيَاضِ شَيْئًا مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَيَاضُ لَا يَنَالُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ لَا يَضُرُّ اشْتِرَاطُ رَبِّهِ أَخْذَ ذَلِكَ الْبَيَاضِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَوْفِي الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ إلَخْ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ إنْ سَكَتَا عَنْهُ) أَيْ وَقْتَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ فَلَمْ يُبَيِّنَا دُخُولَهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا كَوْنَهُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا وَاشْتِرَاطُهُ يُوجِبُ مَنْعَهُ كَالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَادَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اشْتَرَطَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُلْغَ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ) فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ فَإِنْ أُدْخِلَ فِيهَا فَسَدَتْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيَاضَ إنْ كَانَ كَثِيرًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يُلْغَى لِلْعَامِلِ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَفِيهِ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ

(قَوْلُهُ وَدَخَلَ شَجَرٌ) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ قَصْدًا عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ شَجَرٌ يَسِيرٌ تَبَعٌ فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الزَّرْعِ لُزُومًا وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ لَا بِإِلْغَاءِ الشَّجَرِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ شُرُوطُ التَّابِعِ بِأَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّجَرُ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ وَأَنْ لَا يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّجَرُ لَا يَخْلُفُ وَكَذَا فِي عَكْسِهَا فَلَا يُقَالُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْجِزَ رَبُّهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهِ وَأَنْ يَبْرُزَ وَأَنْ يُخَافَ مَوْتُهُ وَأَنْ لَا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْلُفُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ ثَمَرِهِ الثُّلُثَ فَدُونَ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الْمَتْبُوعِ وَهُوَ الزَّرْعُ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ ثَمَرِ الشَّجَرِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يُقَالَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِثَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ سُقُوطُ الْكُلْفَةِ فِي قِيمَةِ الثَّمَرَةِ دُونَ الزَّرْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّبْصِرَةِ وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فِيهِمَا مَعًا.
(قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ عَلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ أَيْ مُسَاقَاتُهُمَا مَعًا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَعَ عَقْدُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا أَوْ لَا.
وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَدَخَلَ الْآخَرُ تَبَعًا فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) مُرَادُهُ الْأَحَدُ الشَّائِعُ (وَقَوْلُهُ غَيْرَ تَبَعٍ) أَيْ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ) أَيْ.
وَأَمَّا اتِّفَاقُ الْجُزْءِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ عُقُودٍ وَالْعَامِلُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ وَكَذَا رَبُّ الْحَوَائِطِ إمَّا وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّفَقَتْ تِلْكَ الْحَوَائِطُ فِي الْأَنْوَاعِ بَلْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا بِجُزْأَيْنِ إلَّا فِي صِفَاتٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَوَائِطُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَوْ صَفَقَاتٍ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ صَفَقَاتٍ

(قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاصِفُهُ لِلْعَامِلِ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ وُصِفَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ

الصفحة 543