كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 3)

مِنْ شَجَرٍ وَأَرْضٍ وَرَقِيقٍ وَدَوَابَّ وَمَا يُسْقَى بِهِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ هُوَ بَعْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَوَصَلَهُ) الْعَامِلُ أَيْ أَمْكَنَهُ وُصُولُهُ (قَبْلَ طِيبِهِ) وَإِلَّا فَسَدَتْ وَلَوْ فُرِضَ وُصُولُهُ قَبْلَهُ

(وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) أَيْ زَكَاةُ الْحَائِطِ بِتَمَامِهِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ حِصَّتِهِ لِرُجُوعِهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ سَكَتَا عَنْ اشْتِرَاطِهَا بُدِئَ بِهَا ثُمَّ قُسِّمَ الْبَاقِي عَلَى مَا شَرَطَا مِنْ الْجُزْءِ فَإِنْ قَصَرَ الْخَارِجُ عَنْ النِّصَابِ أُلْغِيَ الشَّرْطُ وَقَسَمَا الثَّمَرَةَ عَلَى مَا شَرَطَا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ لِمُشْتَرِطِهِ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ.
(وَ) جَازَ مُسَاقَاةُ عَامِلٍ فِي حَائِطٍ (سِنِينَ) وَلَوْ كَثُرَتْ (مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا بِلَا حَدٍّ) فِي الْكَثْرَةِ الْجَائِزَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ الْمَدَارُ فِي الْجَوَازِ عَلَى السِّنِينَ الَّتِي لَا تَتَغَيَّرُ الْأُصُولُ فِيهَا عَادَةً وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ أَرْضًا وَأُصُولًا إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ وَلَا الْأَرْضُ الْقَوِيَّةُ كَالضَّعِيفَةِ قَالَ فِيهَا قِيلَ لِمَالِكٍ الْعَشَرَةُ قَالَ لَا أَدْرِي عَشَرَةً وَلَا عِشْرِينَ وَلَا ثَلَاثِينَ اهـ.
(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (عَامِلٍ) عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (دَابَّةٍ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ (أَوْ غُلَامًا) كَذَلِكَ أَوْ هُمَا (فِي) الْحَائِطِ (الْكَبِيرِ) دُونَ الصَّغِيرِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ ذَلِكَ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَطَ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّهِ.
(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (قَسْمُ الزَّيْتُونِ حَبًّا) ، وَهَذَا الشَّرْطُ إنْ وَقَعَ لِلتَّوْكِيدِ إذْ الْعَقْدُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّهَا تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ (كَعَصْرِهِ) أَيْ الزَّيْتُونُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ (عَلَى أَحَدِهِمَا) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهُوَ عَلَيْهِمَا

(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ (إصْلَاحُ جِدَارٍ وَكَنْسُ عَيْنٍ) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (وَسَدُّ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ (حَظِيرَةٍ) بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ الزَّرْبُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ يَمْنَعُ التَّسَوُّرَ وَشَدُّهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ يَكُونُ بِنَحْوِ الْحِبَالِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ يَكُونُ بِأَعْوَادٍ وَنَحْوِهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسَاقَاةُ الْغَائِبِ بِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَلَا عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْحَطَّابِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ شَبَّهَتْ مُسَاقَاةَ الْغَائِبِ بِبَيْعِهِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ مِنْ شَجَرٍ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الشَّجَرِ وَعَدَدِهِ (قَوْلُهُ وَأَرْضٍ) أَيْ فَيُوصَفُ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَغَرَبٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَمْكَنَهُ وُصُولُهُ قَبْلَ طِيبِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَقَدَاهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ قَبْلَ طِيبِهِ فَتَوَانَى فِي طَرِيقِهِ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الطِّيبِ لَمْ تَفْسُدْ وَحُطَّ عَنْ الْعَامِلِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ حُطَّ بِنِسْبَتِهِ ثُمَّ نَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِقَامَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَزَمَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِعَدَمِ وُصُولِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَسَدَتْ

(قَوْلُهُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ وَاشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ لَكَفَاهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَاشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا الزَّكَاةَ عَلَى الْآخَرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّخْلَ وَالزَّرْعَ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُزَكَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ وَثَمَرُهُ أَوْ زَرْعُهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِصَابٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهُ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْ الثَّمَرُ أَوْ الزَّرْعُ وَلَوْ مَعَ مَالِهِ مِنْ غَيْرِهَا نِصَابًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وَمَا فِي عبق مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ) فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لِمَنْ اُشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ مَثَلًا إلَّا نِصْفَ عُشْرِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِمُشْتَرِطِهِ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَرِ أَوْ نِصْفُ عَشْرِهِ يَكُونُ لِمَنْ اشْتَرَطَهُ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَجَازَ سِنِينَ) أَيْ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ عَلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ تَمَامِهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا) أَيْ كَثْرَةً جِدًّا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ نَائِبٌ عَنْ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَذَلِكَ بِأَنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَبْقَى الْحَائِطُ عَلَى حَالِهِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْإِمَامِ تَحْدِيدٌ بِشَيْءٍ مِنْ السِّنِينَ فِي الْكَثْرَةِ الْجَائِزَةِ وَلَا فِي غَيْرِ الْجَائِزَةِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ فَلَوْ حَدَّدَ لَفُهِمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ قِيلَ لِمَالِكٍ الْعَشَرَةِ) أَيْ السِّنِينَ الَّتِي تَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا الْعَشَرَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَوْ الدَّابَّةَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ رُبَّمَا كَفَى ذَلِكَ الْحَائِطَ الصَّغِيرَ.
(قَوْلُهُ وَجَازَ اشْتِرَاطُ قَسْمِ الزَّيْتُونِ حَبًّا) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ لِلتَّوْكِيدِ) أَيْ تَوْكِيدِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ لِمَا عُلِمَ أَنَّهَا أَيْ الْمُسَاقَاةُ تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ وَإِذَا انْتَهَتْ بِالْجُذَاذِ قُسِمَ الزَّيْتُونُ حَبًّا وَحَيْثُ كَانَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ مُؤَكِّدًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّهُ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْعَقْدِ مُقْتَضِيًا لَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَيُفْسِدُهَا شَرْطُهُ كَبَيْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهُوَ عَلَيْهِمَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ بِعَصْرِهِ وَلَا عَادَةٌ بِذَلِكَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْتَسِمَاهُ حَبًّا كَانَ عَصْرُهُ عَلَيْهِمَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَسَمَاهُ حَبَّاتٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمَاهُ حَبًّا وَاشْتُرِطَ عَصْرُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ عَصْرُهُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ وَاشْتُرِطَ خِلَافُهُ عُمِلَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّاسِخِ لِلْعَادَةِ

(قَوْلُهُ الزَّرْبُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ) أَيْ، وَهِيَ الزَّرْبُ الَّذِي يُجْعَلُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ الْمُحِيطَةِ

الصفحة 544