كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 3)

لَا نَعَمٍ يَصِحُّ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مُسْلِمٍ بَعْدَ حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا جُرْحِ نَعَمٍ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِمَفْعُولِهِ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَرَفْعُهُ عَطْفًا عَلَى جُرْحٍ بَعْدَ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ لَا جُرْحَ نَعَمٌ وَنَصْبُهُ عَطْفًا عَلَى وَحْشِيًّا وَتَرْكُ الْأَلْفِ فِي الرَّسْمِ عَلَى لُغَةِ رَبِيعَةَ فَإِنَّهُمْ يَقِفُونَ عَلَى الْمُنَوَّنِ الْمَنْصُوبِ بِحَذْفِ الْأَلْفِ ثُمَّ أَنَّ قَوْلَهُ بِكَوَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُوَّةَ هِيَ الطَّاقَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُرَادٍ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ بِكَهُوَّةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَحُفْرَةٍ وَهُمَا بِمَعْنَى وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَمَعْنَى تَرَدَّى أَيْ مِنْ الرَّدَى وَهُوَ الْهَلَاكُ أَيْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِكَوَّةٍ لَا مِنْ التَّرَدِّي الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلُ كَمَا فَهِمَ ابْنُ غَازِيٍّ

(ص) بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ وَحَيَوَانٍ عُلِمَ (ش) الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِجُرْحٍ وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى مَا يُصَادُ بِهِ مِنْ سِلَاحٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْآلَةِ الَّتِي يُصَادُ بِهَا أَنْ تَكُونَ ذَا حَدٍّ يَجْرَحُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَدِيدٌ أَمْ لَا كَمِعْرَاضٍ أَصَابَ بِحَدِّهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُحَدَّدِ الْحَدِيدَ بِخُصُوصِهِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي الْحَيَوَانِ التَّعْلِيمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] ابْنُ حَبِيبٍ وَالتَّكْلِيبُ التَّعْلِيمُ وَقِيلَ التَّسْلِيطُ وَحَدُّ التَّعْلِيمِ قَالَ فِيهَا الْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ اهـ وَاعْتَرَضَ الْأَشْيَاخُ كَلَامَهَا بِأَنَّ الطَّيْرَ إذَا زُجِرَ لَا يَنْزَجِرُ وَذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بِقِيلِ فَقَالَ وَفِيهَا وَالْمُعَلَّمُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ هُوَ الَّذِي إذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَإِذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَزِيدَ وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ وَحُمِلَ عَلَى الْوِفَاقِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ انْزِجَارُ الطَّيْرِ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيمَا عَدَا الطَّيْرَ الْوَصْفَانِ وَكَذَلِكَ فِي الطَّيْرِ إلَّا أَنَّ اعْتِرَاضَ الْأَشْيَاخِ الْمُدَوَّنَةُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الطَّيْرِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الِانْزِجَارِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ

(ص) بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ (ش) هَذَا صِفَةٌ لِحَيَوَانِ أَيْ حَيَوَانٌ مُرْسَلٌ مِنْ يَدِهِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَرْكٌ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ قَوْلِهِ مِنْ يَدِهِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ بِإِرْسَالٍ كَانَ مِنْ يَدِهِ أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ أَوْ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتَ قَدَمِهِ أَوْ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ يُحْتَرَزُ عَنْ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا فَيَذْهَبَ بِنَفْسِهِ أَشَلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الْمَصِيدِ بِقَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ عَطْفًا عَلَى مُسْلِمٍ إلَخْ) فِيهِ تَسَامُحٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَلْ ذَلِكَ الْجَرُّ إنَّمَا هُوَ بِالْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ فَغَايَتُهُ أَنَّهُ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ فَالْمَعْطُوفُ هُوَ الْمَحْذُوفُ وَقَوْلُهُ وَنَصْبُهُ إلَخْ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى لِمُقَابَلَتِهِ وَحْشِيًّا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ إلَخْ) أَيْ وَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ وَهُوَ كَوْنُ الْمَحْذُوفِ مُمَاثِلًا لِمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَفْظًا وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهَذَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكُوَّةَ هِيَ الطَّاقَةُ) يُقَالُ كُوَّةٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا (قَوْلُهُ بِكَهُوَّةٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الْجَمْعُ هُوًى بِضَمِّ الْهَاءِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَا مِنْ التَّرَدِّي الَّذِي هُوَ السُّقُوطُ) وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ وَتُجْعَلُ الْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ

. (قَوْلُهُ وَحَيَوَانٌ عُلِّمَ) وَلَوْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنِمْسٍ وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ الْغَدْرَ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يُمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَافٍ (قَوْلُهُ كَمِعْرَاضٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَمْ لَا وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى وَزْنِ مِفْتَاحٍ سَهْمٌ لَا رِيشَ لَهُ دَقِيقُ الطَّرَفَيْنِ غَلِيظُ الْوَسَطِ وَقَالَ عِيَاضٌ الْمِعْرَاضُ عَصًا فِي طَرَفِهَا حَدِيدَةٌ وَقَدْ تَكُونُ بِغَيْرِ حَدِيدَةٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالتَّكْلِيبُ التَّعْلِيمُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ وَقِيلَ التَّسْلِيطُ فَلَا تَكُونُ مُؤَكِّدَةً بَلْ مُؤَسِّسَةً (قَوْلُهُ قَالَ فِيهَا) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ حَدُّ التَّعْلِيمِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ حَدُّ الْمُعَلَّمِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ جَعْلُ الْكَلْبِ بِحَيْثُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ (قَوْلُهُ وَذَكَرَهُ) أَيْ ذَكَرَ الِاعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عَلَى الْوِفَاقِ) أَيْ أَنَّ زِيَادَةَ مَنْ زَادَ وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَفِي ك زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ وَإِذَا دُعِيَ أَجَابَ قِيلَ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِأَنَّ فِي الْأُمِّ وَإِذَا أَشْلَى أَطَاعَ وَالْإِشْلَاءُ يُطْلَقُ عَلَى الْإِغْرَاءِ وَالدُّعَاءِ اهـ فَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ لَفْظَ الشَّامِلِ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ وَهَذَا يُفِيدُ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّهُ إلَخْ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَالتَّقْدِيرُ وَالْمُعْتَبَرُ أَنَّهُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ قَالَ بَهْرَامُ وَاسْتَقْرَأَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ شَرْطَ التَّعْلِيمِ وَاحِدٌ وَهُوَ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَلَا يُشْتَرَطُ إذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَقَدْ ذَكَرَ مَنْ يَوْثُقُ بِهِ فِي الصَّيْدِ أَنَّ الْكَلْبَ لَا يَنْزَجِرُ بَعْدَ مَا أُرْسِلَ عَلَى الصَّيْدِ أَوْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ لَهُ فَيَنْبَغِي الْعَمَلُ فِي زَمَانِنَا بِاسْتِقْرَاءِ اللَّخْمِيِّ مِنْ شَرْحِ شب

(قَوْلُهُ بِإِرْسَالٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ إذَا قَتَلَهُ الْجَارِحُ أَنْ يَكُونَ مُنْبَعِثًا مِنْ حِينِ الْإِرْسَالِ إلَى حِينِ أَخْذِ الصَّيْدِ فَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ تَرْكٌ بِتَشَاغُلٍ بِغَيْرِ الصَّيْدِ ثُمَّ انْبَعَثَ ثَانِيًا فَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ التَّشَاغُلِ وَكَثِيرِهِ وَرَأَى اللَّخْمِيُّ أَنْ يَسِيرَ التَّشَاغُلِ لَا يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا فَيَذْهَبُ بِنَفْسِهِ أَشْلَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُطْلَقًا فَأَشْلَاهُ أَنْ ذَلِكَ يَكْفِي لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَذْهَبْ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِأَمْرِهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمِلْكُ فَقَطْ لَكِنَّ هَذَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ يَدِهِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَالَ أَوَّلًا إذَا كَانَ مُطْلَقًا وَلَكِنْ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ إلَّا بِإِرْسَالِهِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَا أَقُولُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسَمِّي النَّاوِيَ هُوَ الْخَادِمُ فَالْمُرْسِلُ هُوَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ النَّاوِي الْمُسَمِّي وَالْخَادِمُ هُوَ الْمُرْسَلُ فَلَعَلَّ وَجْهَ إجْزَائِهِ كَوْنُهُ

الصفحة 10