كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 3)

غَيْرَهُ مِنْ الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ عَلَى صَيْدٍ بِعَيْنِهِ وَنَوَى أَنْ يَأْخُذَهُ وَإِنْ كَانَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ آخَرُ أَخَذَهُ فَأَخَذَ غَيْرَ الَّذِي رَآهُ فَإِنَّهُ يَأْكُلُهُ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْأَخْذِ بَلْ صَانِعُهُ وَالرَّمْيُ بِالسَّهْمِ فَيَقُولُ أَوْ وَقَعَ غَيْرُ مَقْصُودٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا أَوْ رَمَى سَهْمًا لِأَنَّ السَّهْمَ لَا يُقَالُ لَهُ مُرْسَلٌ بَلْ مَرْمِيٌّ

(ص) أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةِ غَيْرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ وَالْتَبَسَ الْحَالُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِلْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُحَرَّمُ وَغَيْرُهُ فِي شَيْءٍ غُلِّبَ جَانِب الْمُحَرَّمِ كَأَحَدِ الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا إذَا أَرْسَلَ كَلْبَهُ فَيُعِينُهُ كَلْبٌ آخَرُ مُعَلَّمٌ أَوْ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ الَّذِي أَعَانَهُ عَلَيْهِ مُعَلَّمًا قَدْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ عَلَى الصَّيْدِ بِعَيْنِهِ إذَا نَوَيَاهُ فَقَتَلَهُ كَلْبَاهُمَا فَهُوَ حَلَالٌ لَا بَأْسَ بِهِ (ص) كَمَاءٍ (ش) هُوَ بِالْمَدِّ يَعْنِي أَنَّ الصَّيْدَ إذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ الْجَارِحُ وَمَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَوْتُهُ بِسَبَبِ الْجُرْحِ أَوْ غَمْرِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُنْفِذْ شَيْئًا مِنْ الْمَقَاتِلِ وَأَمَّا إذَا أُنْفِذَتْ الْمَقَاتِلُ ثُمَّ شَارَكَ الْمُبِيحُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ

(ص) أَوْ ضَرْبٍ بِمَسْمُومٍ (ش) فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ أَوْ شَرِكَةِ سَهْمٍ مَسْمُومٍ ضَرَبَ بِهِ الصَّيْدَ فَمَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ لِأَنَّا لَا نَدْرِي هَلْ مَاتَ مِنْ السَّهْمِ أَوْ مِنْ السُّمِّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ أَوْ سِلَاحٌ مَسْمُومٌ وَلِذَا عَبَّرَ بِالضَّرْبِ الْأَعَمِّ دُونَ الرَّمْيِ الْخَاصِّ بِالسَّهْمِ أَيْ وَلَمْ يُنْفِذْ السِّلَاحُ مَقَاتِلَهُ وَلَا أَدْرَكَ ذَكَاتَهُ فَبِهَذَا يَحْصُلُ الشَّكُّ فَإِنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ السِّلَاحُ قَبْلَ أَنْ يَسْرِي السُّمُّ فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ خَوْفًا مِنْ أَذَى السُّمِّ

(ص) أَوْ كَلْبِ مَجُوسِيٍّ (ش) صُورَتُهَا أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ وَأَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبًا لَهُ أَوْ لِمُسْلِمٍ أَوْ بَازَهُ أَوْ سَهْمَهُ عَلَى ذَلِكَ الصَّيْدِ بِعَيْنِهِ فَقَتَلَاهُ مَعًا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ أَوْ سَهْمَهُ هُوَ الْقَاتِلُ وَلَا أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَالْمُرَادُ بِالْمَجُوسِيِّ هُنَا الْكَافِرُ مِنْ حَيْثُ هُوَ أَمَّا لَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ كَلْبًا لِمَجُوسِيٍّ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَا أَثَرَ لِمِلْكِ الْمَجُوسِيِّ لَهُ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُسْلِمُ بِآلَةِ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ

(ص) أَوْ بِنَهْشِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّائِدَ إذَا ذَبَحَ الصَّيْدَ مَعَ نَهْشِ الْجَارِحِ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ أَيْ عَلَى خَلَاصِ الْمَصِيدِ مِنْ الْجَارِحِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ نَهْشِ الْجَارِحِ فَلَوْ تَيَقَّنَ مَوْتَهُ مِنْ الذَّبْحِ أَكَلَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ الْجَارِحِ حَتَّى مَاتَ مِنْ نَهْشِهِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ إنْ كَانَ الْجَارِحُ قَدْ جَرَحَهُ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْجُرْحَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَكْلِ الصَّيْدِ

(ص) أَوْ أَغْرَى فِي الْوَسَطِ (ش) أَغْرَى قَوِيٌّ وَحَضَّ إنْ كَانَ فِعْلًا مَاضِيًا كَمَا بَعْدَهُ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ نَظَائِرِ الشَّرِكَةِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي تَوْضِيحِهِ إذْ لَمْ يَعُدَّهُ مِنْهَا فَالتَّقْدِيرُ وَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إذَا ظَنَّهُ الصَّائِدُ حَرَامًا أَوْ أَغْرَى الْجَارِحُ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ فِي الْوَسَطِ أَيْ أَثْنَاءَ الِانْبِعَاثِ وَسَوَاءٌ زَادَهُ الْإِغْرَاءُ قُوَّةً وَانْشِلَاءً أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَ مَصْدَرًا مَجْرُورًا عَطْفًا عَلَى نَظَائِرِ الشَّرِكَةِ فَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ انْخِرَاطُهُ فِي سِلْكِهَا وَمَا نُوقِشَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْإِغْرَاءَ مُبِيحٌ لَا مُحْظِرٌ تَعَسُّفٌ إذْ الْإِغْرَاءُ هُوَ الْمُثِيرُ لِلشَّكِّ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَرْسَلَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ اثْنَتَانِ لَا يُؤْكَلُ فِيهِمَا وَهُمَا إذَا أَخَذَ الْجَارِحُ مَا لَمْ يُرْسِلْهُ الصَّائِدُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ الثَّانِيَةُ إذَا قَصَدَ مَا وَجَدَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى شَيْئًا مُعَيَّنًا وَالثَّالِثَةُ يُؤْكَلُ فِيهَا وَهِيَ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ عِنْدَهُ وَيَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَأْتِي بِهِ مَعَهُ مِمَّا لَمْ يَرَهُ وَظَاهِرُ مَا فِيهَا وَلَوْ أَتَى بِهِ دُونَ مَا عَيَّنَهُ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ

(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ الْمُذَكِّي صَائِدًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْمُرَادُ الْمُذَكِّي بِسَهْمِهِ أَوْ حَيَوَانِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَثَرُ الْمُبِيحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ الِاعْتِقَادُ الْجَازِمُ وَقَوْلُهُ فِي بِمَعْنَى بَاءِ السَّبَبِيَّةِ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَأَكَلَ الْمُذَكِّي وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ مَعَ تَحَقُّقِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الذَّكَاةِ دُونَ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ كَمَاءٍ) أَيْ كَاجْتِمَاعِ الذَّكَاةِ مَعَ غَمْرِ مَاءٍ فِي صَيْدٍ كَذَا قَدَّرَ عب وَلَا حَاجَةَ لِتَقْرِيرِ اجْتِمَاعٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ كَمَاءٍ مِثَالٌ لِلْغَيْرِ الْمُشَارِكِ لِلْمُبِيحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَارَكَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَصَلَتْ الْمُشَارَكَةُ فِي حَالِ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ

(قَوْلُهُ أَيْ أَوْ شَرِكَةُ سَهْمٍ مَسْمُومٍ) أَيْ غَيْرُهُ الَّذِي هُوَ السَّهْمُ وَهَذَا الْحِلُّ يُؤْذِنُ بِتَغْيِيرٍ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ شَرِكَةُ سَهْمِ غَيْرِهِ وَهُوَ السُّمُّ بِسَبَبِ ضَرْبٍ بِمَسْمُومٍ لَكَانَ أَوْلَى بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَاءٍ وَلَا يُقَدِّرُ شَرِكَةً وَيَكُونُ الْمَلْحُوظُ فَيُجَانِبُ الْمَعْطُوفَ السُّمَّ الَّذِي هُوَ الشَّرِيكُ كَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَاءُ (قَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ أَذَى السُّمِّ) وَلَمْ يَحْرُمْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ السِّرَايَةُ بَلْ شَكَّ أَوْ تَوَهَّمَ وَانْظُرْ فِي حَالَةِ الظَّنِّ وَالظَّاهِرُ الْحُرْمَةُ فِي حَالَةِ الظَّنِّ وَقَالَ فِي ك وَمَفْهُومُهُ إنْ سَرَى السُّمُّ فِيهِ لَمْ وَيُؤْكَلُ أَيْ يَحْرُمُ وَهُوَ وَاضِحٌ

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ أَوْ سَهْمَهُ هُوَ الْقَاتِلُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْقَاتِلَ لَهُ كَلْبُ الْمُسْلِمِ يُؤْكَلُ وَلَوْ بِمَعُونَةِ إمْسَاكِ كَلْبِ الْكَافِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُرْسِلْهُ الْمُسْلِمُ بَعْدَ إمْسَاكِ كَلْبِ الْكَافِرِ فَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّ سَهْمَ الْمُسْلِمِ قَتَلَهُ دُونَ سَهْمِ الْمَجُوسِيِّ مِثْلَ أَنْ يُوجَدَ سَهْمُ الْمُسْلِمِ فِي مَقْتَلِهِ وَسَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَيَقْسِمُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ تُسَاوَوْا فِي الْفِعْلِ وَإِلَّا قُسِمَ عَلَى حَسَبِ الْفِعْلِ وَمِثْلُ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ كَلْبُ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يَدْرِي هَلْ أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ أَمْ لَا وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ نَوَى وَسَمَّى أَمْ لَا

(قَوْلُهُ أَوْ بِنَهْشِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاءٍ فَهُوَ مِنْ أَمْثِلَةٍ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةِ غَيْرِهِ وَالنَّهْشُ أَخْذُ اللَّحْمِ بِمُقَدَّمِ الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ مَا) أَيْ صَيْدًا وَقَوْلُهُ قَدَرَ أَيْ الصَّائِدُ وَقَوْلُهُ عَلَى خَلَاصِهِ أَيْ الصَّيْدِ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْجَارِحِ.

(قَوْلُهُ تَعَسُّفٌ إلَخْ)

الصفحة 12