كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 3)
«إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» وَاسْتِعْمَالُ الْحَدِيثَيْنِ أَوْلَى مِنْ إطْرَاحِ أَحَدِهِمَا.
(ص) وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ مَدْعُوٍّ إلَّا بِإِذْنٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَتَى إلَى مَكَانِ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ
(ص) وَكُرِهَ نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَثْرَ مَا ذُكِرَ وَنَحْوِهِ فِي الْوَلِيمَةِ إذَا أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لِلنُّهْبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ شَيْئًا مِمَّا يَحْصُلُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ مَكْرُوهٌ لِمَا جَاءَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ النُّهْبَةِ، وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لَا لِلنُّهْبَةِ أَوْ لِلنُّهْبَةِ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مِنْ يَدِ بَعْضٍ فَحَرَامٌ.
(ص) لَا الْغِرْبَالُ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ كُرِهَ وَالْغِرْبَالُ وَالدُّفُّ مُتَرَادِفَانِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا هُوَ الْمُدَوَّرُ وَمُجَلَّدٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الضَّرْبَ بِمَا ذُكِرَ لَا يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَلَا لِلرِّجَالِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلِذَا بَالَغَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ لِرَجُلٍ) خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ لَهُ.
وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْكَبَرِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ وَهُوَ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُدَوَّرُ الْمُجَلَّدُ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْمِزْهَرِ وَهُوَ عُودٌ مُفَصَّلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ يُرَكَّبُ وَيُغْشَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ فَفِيهِمَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِالْجَوَازِ كَالْغِرْبَالِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ وَبِالْكَرَاهَةِ فِيهِمَا وَبِالْجَوَازِ فِي الْكَبَرِ دُونَ الْمِزْهَرِ أَيْ فَيُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ أَلْهَى عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ تَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ وَهُوَ النَّفِيرُ قِيلَ مَعْنَاهُ الْبُوقَاتُ وَالزَّمَّارَاتُ الْيَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُلْهِي كُلَّ اللَّهْوِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ابْنُ كِنَانَةَ وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فَإِنْ شَاءَ إلَخْ) أَيْ فَمَعْنَى التَّخْيِيرِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا مُتَعَيِّنًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَكْلُ
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ) أَيْ تَحْرِيمًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) فَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ مَعَ حُرْمَةِ مَجِيئِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَدْعُوٍّ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَابَعَ ذِي قَدْرٍ عُرِفَ عَدَمُ مَجِيئِهِ وَحْدَهُ لِوَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا عب وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ
. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ فِي الْوَلِيمَةِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ كَذَلِكَ يُكْرَهُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ أَحْضَرَهُ صَاحِبُهُ لَا لِلنُّهْبَةِ) أَيْ بَلْ يَخُصُّ بِهِ مَنْ شَاءَ وَالنُّهْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَعِبَارَةُ غَيْرِ شَارِحِنَا أَحْسَنُ وَنَصُّهُ أَمَّا انْتِهَابُ مَا أَحْضَرَهُ لَا لِلنُّهْبَةِ أَوْ لِلنُّهْبَةِ وَكَانَ يَأْخُذُ بَعْضُهُمْ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ فَحَرَامٌ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ عِبَارَةِ شَارِحِنَا لَهُ وَهِيَ أَقْرَبُ مِنْ الَّذِي ذَكَرْته أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ لِبَعْضِ تَلَامِذَةِ الشَّارِحِ ثُمَّ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ فَقَدْ رَأَيْت فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا فَرْعٌ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكَبِيرِ بِشَيْءٍ دُونَ مَنْ حَضَرَ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: لَا الْغِرْبَالُ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ فِي الْعُرْسِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِصَرَاصِرٍ أَوْ جَرَسٍ مَثَلًا فَيَحْرُمُ قَالَ فِي الْمَدْخَلِ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الطَّارَ الَّذِي بِالصَّرَاصِرِ مَمْنُوعٌ وَكَذَا الشَّبَّابَةُ وَالشَّبَّابَةُ الْقَصَبَةُ الْمَثْقُوبَةُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ حُرْمَةُ الْكَأْسِ وَفِي عج لَا الْغِرْبَالُ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ وَلَوْ بِصَرَاصِرٍ كَمَا هُوَ فِي الْقُرْطُبِيِّ وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعِ عَلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا بِصَرَاصِرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا الْغِرْبَالُ أَيْ فَلَا يُكْرَهُ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ وَقُيِّدَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الرِّسَالَةِ قَالَ شَارِحُهَا أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ تت وَقِيلَ بِجَوَازِهِ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ النَّفْرَاوِيُّ الْمَشْهُورُ عَدَمُ جَوَازِ ضَرْبِهِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَالْخِتَانِ وَالْوِلَادَةِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ جَوَازُهُ فِي كُلِّ فَرَحٍ لِلْمُسْلِمِينَ اهـ بَدْرٌ وَقَالَ أَصْبَغُ يَحْرُمُ مَا عَدَا الدُّفَّ وَالْكَبَرَ مِنْ مِزْمَارٍ وَغَيْرِهِ وَأَبَاحَ الْقُرْطُبِيُّ الضَّرْبَ بِالدُّفِّ فِي كُلِّ سُرُورٍ وَأَجَازَ بَعْضٌ الضَّرْبَ بِهِ لِلْعَوَاتِقِ فِي بُيُوتِهِنَّ مِنْ غَيْرِ عُرْسٍ.
(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ) وَأَمَّا بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ هُوَ الْمُقَابِلُ لِلصِّغَرِ وَأَمَّا بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْبَاءِ فَهُوَ الطَّعْنُ فِي السِّنِّ وَمَا عَدَا ذَلِكَ كَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ فَمَتْرُوكٌ قَالَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْكَبَرُ طَبْلَةٌ مِنْ فَخَّارٍ أَوْ عُودٌ لَهَا فَمَانِ ضَيِّقٌ وَوَاسِعٌ فَالْوَاسِعُ مُغَشًّى بِالْجِلْدِ وَالْآخَرُ غَيْرُ مُغَشًّى اهـ وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالدَّرَبُكَّةِ وَالْمَعْرُوفَةُ فِي الْحَدِيثِ بِالْكُوبَةِ وَالْقُرْطُبَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا عَدَمُ حُرْمَةِ الْبَازِ
(قَوْلُهُ: يُرَكَّبُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ وَقَوْلُهُ عُودٌ مُفَصَّلٌ لَعَلَّهُ أَعْوَادٌ مُفَصَّلَةٌ أَيْ ابْتِدَاءً عِنْدَ صُنْعِهِ، وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ الْمِزْهَرَ كَالدُّفِّ لَكِنَّهُ لَهُ جِهَتَانِ بَيْنَهُمَا نَحْوُ أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ وَفِي شَرْحِ شب عُودٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ اهـ أَيْ أَعْوَادٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ) جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَذَا أَفَادَهُ عج وَذَكَرَ اللَّقَانِيِّ ضِدَّهُ فَقَالَ وَقَوْلُهُ تَجُوزُ ضَعِيفٌ. (فَائِدَةٌ) يُقَالُ رَجُلٌ زَمَّارٌ لَا زَامِرٌ وَفِي الْمَرْأَةِ بِالْعَكْسِ يُقَالُ زَامِرَةٌ لَا زَمَّارَةٌ ك. (قَوْلُهُ: الْبُوقَاتُ وَالزَّمَّارَاتُ الْيَسِيرَةُ) أَيْ فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي إسْقَاطِ هَذَا الْقَيْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ يَسِيرُ التَّزْمِيرِ وَلَوْ فِي وَاحِدٍ وَأَمَّا كَثْرَةُ التَّزْمِيرِ فَلَا
الصفحة 304
304