كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 3)

ذَبْحِهِ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ ذَبِيحَةَ الذِّمِّيِّ الَّتِي ذَبَحَهَا لِنَفْسِهِ مِمَّا يَرَاهُ حَلَالًا وَأَمَّا مَا لَا يَرَاهُ حَلَالًا كَالطَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا شِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ عَلَى مَا مَرَّ

(ص) وَتَسَلُّفِ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ بَيْعٍ بِهِ لَا أَخْذِهِ قَضَاءً (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَسَلَّفَ ثَمَنَ الْخَمْرِ مِنْ الْكَافِرِ أَوْ يَأْكُلَ مِنْهُ طَعَامًا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْخَمْرِ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ يَبِيعَهُ بِهِ شَيْئًا وَأَمَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ الذِّمِّيِّ قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ لِلْمُسْلَمِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ كَمَا أَبَاحَ اللَّهُ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ وَلِأَنَّ لَهُمْ فِي الْبَيْعِ مَنْدُوحَةً دُونَ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ وَتَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ بَاعَهُ بِهِ الذِّمِّيُّ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّ ثَمَنَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً كَمَا قَالَهُ تت وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ إنْ وَقَعَ أَوْ يُقَالُ يُفْسَخُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَبَايَعَ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ تَأَمَّلْ

(ص) وَشَحْمِ يَهُودِيٍّ (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُلَ شَحْمَ الْيَهُودِيِّ الَّذِي هُوَ مُحَرَّمٌ أَيْ وَكُرِهَ أَكْلُ شَحْمِ ذَبْحِ يَهُودِيٍّ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الشَّحْمِ الْخَالِصِ كَالثَّرْبِ بِالْمُثَلَّثَةِ الْمَفْتُوحَةِ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ وَالْأَمْعَاءَ فَإِنْ قِيلَ شَحْمُ الْيَهُودِيِّ مِمَّا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا فَلِمَ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكًّى وَالْمُذَكَّى حِلٌّ لَهُ فَهُوَ لَمْ يَذْبَحْ غَيْرَ حِلٍّ لَهُ لَكِنْ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ أَكْلُهُ مِنْهُ

(ص) وَذَبْحٍ لِصَلِيبِ أَوْ عِيسَى (ش) أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ مَا ذَبَحَهُ الْيَهُودِيُّ لِلصَّلِيبِ أَوْ لِلْكَنِيسَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ وَالتَّعْظِيمَ لِشِرْكِهِمْ فَاللَّامُ فِي لِصَلِيبِ لِلتَّعْلِيلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ

(ص) وَقَبُولِ مُتَصَدِّقٍ بِهِ لِذَلِكَ (ش) أَيْ وَكُرِهَ قَبُولُ التَّصَدُّقِ مِنْهُمْ لِأَجْلِ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى وَحُكْمُ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ عَنْ مَوْتَاهُمْ كَذَلِكَ لِأَنَّ قَبُولَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَعْظِيمٌ لِشِرْكِهِمْ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ تَرَكَهُ لِمُسَاوَاةِ حُكْمِهِ لِحُكْمِ مَا ذَكَرَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ

(ص) وَذَكَاةِ خُنْثَى وَخَصِيٍّ وَفَاسِقٍ (ش) وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَكَاةُ مَنْ ذُكِرَ لِنُفُورِ النَّفْسِ عَنْ فِعْلِ الْأَوَّلِينَ فَلَا تُرَدُّ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ ذَكَاتَهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ وَلِنَقْصِ الثَّالِثِ وَلَا يُرَدُّ الْكَافِرُ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ بَلْ الْمَكْرُوهُ كَوْنُهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْعُمُومِ لَا مَا جَزَرَهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْفَاسِقَ فِسْقُهُ لَا يُقِرُّ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ وَيَدْخُلُ فِي الْفَاسِقِ الْبِدْعِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ كُفْرِهِ وَالْأَغْلَفُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَلَا تُكْرَهُ ذَكَاةُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ

(ص) وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمِ قَوْلَانِ (ش)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَنَا شِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِي عج خِلَافُهُ وَتَبِعَهُ عب فَإِنَّهُ قَالَ أَيْ يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِمَّا ذَبَحَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ كَاللَّحْمِ وَعَلَى هَذَا فَأَكْلُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِهِ بِالشِّرَاءِ مَكْرُوهٌ لَنَا مِنْ وَجْهَيْنِ الشِّرَاءُ وَالْأَكْلُ وَأَمَّا مَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِهِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ شِرَاؤُهُ لَا أَكْلُهُ وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ لِلْيَهُودِيِّ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ

(قَوْلُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ ثَمَنَ الْخَمْرِ) فَلِذَا قَالَ فِي ك وَقَدْ فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ ذِمِّيًّا وَحِينَئِذٍ فَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا فَلَا يَجُوزُ تَسَلُّفُهُ وَلَا الْبَيْعُ بِهِ وَلَا أَخْذُهُ قَضَاءً لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُسْلِمِينَ وَفِي نُسْخَةٍ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلِمِ مَنْدُوحَةٌ أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِهِ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ غَيْرَ ثَمَنِ الْخَمْرِ وَكَذَا لَهُ مَنْدُوحَةٌ فِي التَّسَلُّفِ أَيْ بِأَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ) أَيْ التَّسَلُّفُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَالُ يُفْسَخُ) أَيْ ذَلِكَ التَّسَلُّفُ (قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَبَايَعَ إلَخْ) أَيْ فَالْمُتَسَلِّفُ الْمُسْلِمُ بِمَثَابَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَالْكَافِرُ الْمُسَلِّفُ بِمَثَابَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْفَسْخَ فِي شِرَاءِ الْمُسْلِمِ الْخَمْرَ مِنْ الذِّمِّيِّ

(قَوْلُهُ أَيْ وَمِمَّا يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْكُلَ شَحْمَ الْيَهُودِيِّ) أَيْ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ شِرَاؤُهُ (قَوْلُهُ كَالثَّرْبِ) عَلَى وَزْنِ فَلْسٍ (قَوْلُهُ يَغْشَى الْكَرِشَ) يُقَالُ كَرِشَ بِوَزْنِ كَبِدَ وَكَرْشُ بِوَزْنِ قَبْرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَعِدَةِ لِلْإِنْسَانِ قَالَهُ فِي الْمُخْتَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَمْعَاءَ) أَيْ الْمَصَارِينَ (قَوْلُهُ وَالْمُذَكَّى حِلٌّ لَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: أَيْ وَالذَّكَاةُ قَدْ قِيلَ إنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ (قَوْلُهُ لَكِنْ لِحُرْمَتِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ أَكْلُهُ) كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ عج غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا كُرِهَ أَكْلُ الشَّحْمِ دُونَ أَكْلِ اللَّحْمِ لِأَنَّ الشَّحْمَ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وَالذَّكَاةُ قَدْ قِيلَ إنَّهَا تَتَبَعَّضُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى قَوْلِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكَّى وَالْمُذَكَّى حِلٌّ لَهُ فَتَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الرِّسَالَةِ يُكْرَهُ أَكْلُ شُحُومِ الْيَهُودِ مِنْهُمْ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مِنْ غَيْرِهِمْ لَا يُكْرَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ مِمَّا وُهِبَ لَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ لَهُ أَكْلُهُ انْتَهَى وَقَوْلُهُ مِمَّنْ لَهُ أَكْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِمَّا وُهِبَ لَهُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ مِمَّا قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ وَالتَّعْظِيمَ لِشِرْكِهِمْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ مُفَادِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُمْ مَطْلُوبُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ

(قَوْلُهُ وَذَكَاةِ خُنْثَى) إنْ ذَبَحَ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَعْنَى الْكَرَاهَةِ هُنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ أَكْلُ مَذْبُوحِهِ انْتَهَى ك (قَوْلُهُ وَخَصِيٍّ) أَيْ وَمَجْبُوبٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَكَاتَهَا غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ) أَيْ لِأَنَّهَا كَامِلَةٌ فِي نَوْعِهَا (قَوْلُهُ وَالْأَغْلَفِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عب مِنْ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ عَدَّ الْأَغْلَفِ فَاسِقًا مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْخِتَانَ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ (قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ) رَاجِعٌ لِلْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ الذَّكَاةِ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالْأَخْرَسُ وَالنُّفَسَاءُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَذَكَاةِ خُنْثَى هَلْ يَجْرِي فِي أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ أَوْ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ

الصفحة 7