كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 3)

أَرَادَ بِالْجُرْحِ مَا يَشْمَلُ شَقَّ الْجِلْدِ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُدْمِي وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فَتْقُ جِلْدٍ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ عَضٌّ بِلَا جُرْحٍ اهـ وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِهِ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا وَاحْتَرَزَ بِالْمُمَيِّزِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّ صَيْدَهُ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ النِّيَّةِ كَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يُمَيِّزُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَيْدُهُمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَذَكَاتِهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِضَافَةُ جُرْحٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَنِسْبَةُ الْجُرْحِ لِلْمُسْلِمِ لِكَوْنِ الْحَيَوَانِ آلَةً كَالسَّهْمِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الصَّائِدِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَصِيدِ فَقَالَ (وَحْشِيًّا) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَصِيدِ أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا فَلَا يُؤْكَلُ الْإِنْسِيُّ بِالْجُرْحِ وَأَمَّا الْبَحْرِيُّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جُرْحٌ وَلَا غَيْرُهُ وَيُؤْكَلُ وَلَوْ بِصَيْدِ كَافِرٍ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى كَوْنِهِ مَيْتَةً وَمَيْتَتُهُ حَلَالٌ فَقَوْلُهُ وَحْشِيًّا مَعْمُولُ جُرْحٍ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ حَيَوَانًا وَحْشِيًّا أَيْ مُتَوَحِّشًا لَا إنْسِيًّا مِنْ إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ دَجَاجٍ اتِّفَاقًا أَوْ بَقَرٍ أَوْ حَمَامٍ أَوْ إوَزٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ الْوَحْشُ بَلْ وَإِنْ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ لَكِنَّ قَوْلَهُ (وَإِنْ تَأَنَّسَ) الْمَعْنَى عَلَى الْمُضِيِّ فَإِنْ بِمَعْنَى لَوْ أَوْ يُقَدَّرُ كَانَ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَأَنَّسَ

(ص) عُجِزَ عَنْهُ (ش) صِفَةٌ لِقَوْلِهِ وَحْشِيًّا أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَحْشُ مَعْجُوزًا عَنْهُ وَإِنْ تَأَنَّسَ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ بِالنُّدُودِ بَعْدَ التَّأَنُّسِ وَقَوْلُهُ (إلَّا بِعُسْرٍ) مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ أَيْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا فِي حَالَةِ الْعُسْرِ وَأُخْرَى إذَا عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً وَالْمُرَادُ بِالْعُسْرِ الْمَشَقَّةُ أَصْبَغُ وَمَنْ أُرْسِلَ عَلَى وَكْرٍ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ شَجَرَةٍ وَكَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ الْعَطَبَ يَجُوزُ أَكْلُهُ بِالصَّيْدِ

(ص) لَا نَعَمٍ شَرَدَ أَوْ تَرَدَّى بِكَوَّةٍ (ش) الْمُرَادُ بِالنَّعَمِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَلَوْ قَالَ إنْسِيٌّ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَنْسَبَ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَحْشِيًّا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالنَّعَمِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ شَرَدَ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّعَمَ إذَا شَرَدَ شَيْءٌ مِنْهَا أَيْ نَفَرَ وَلَحِقَ بِالْوَحْشِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ أَمَّا الْإِبِلُ فَبِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا الْبَقَرُ فَعَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ أَنَّ قَوْلَهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ مَا يَشْمَلُ شَقَّ الْجِلْدِ) أَيْ هَلْ الْمُرَادُ تَأْثِيرٌ صَادِقٌ بِشَقِّ الْجِلْدِ وَالْإِدْمَاءِ أَوْ قَاصِرٌ عَلَى الْإِدْمَاءِ بِالْخُصُوصِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لعج وَفِي عب: الْمُرَادُ بِهِ الْإِدْمَاءُ مَعَ شَقِّ جِلْدٍ أَمْ لَا، لَا شَقَّ جِلْدٍ بِالْآلَةِ بِدُونِ إدْمَاءٍ فِي وَحْشِيٍّ صَحِيحٍ فَلَا يَكْفِي بِخِلَافِهِ فِي مَرِيضٍ فَيُؤْكَلُ لَكِنْ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَيْلُ دَمٍ إنْ صَحَّتْ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ لَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً لَا يَكْفِي فِيهَا سَيَلَانِ الدَّمِ فَقَطْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّحَرُّكِ الْقَوِيِّ فَأَوْلَى الشَّقُّ بِلَا إدْمَاءٍ وَلَا تَحَرُّكٍ قَوِيٍّ إلَّا أَنَّ هَذَا الْآتِيَ فِي الذَّبْحِ.
وَكَلَامُنَا الْآنَ فِي الْعَقْرِ وَسَيَأْتِي عَنْ عج مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الصَّيْدِ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ بِدُونِ إدْمَاءٍ مِنْ الْآلَةِ حَيْثُ يَكُونُ يَحْصُلُ مِنْهُ دَمٌ عِنْدَ شَقِّ الْجِلْدِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ دَمٌ عِنْدَ شَقِّهِ فَيَكْفِي شَقُّ الْجِلْدِ الَّذِي هُوَ الْجُرْحُ وَلَا يُعْتَبَرُ سَيَلَانُ الدَّمِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الْإِدْمَاءُ مِنْ غَيْرِ آلَةٍ أَوْ جُرْحٍ مِنْ غَيْرِ آلَةِ الِاصْطِيَادِ فَلَا يُؤْكَلُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَصَدَمَ أَوْ عَضَّ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ جُرْحٌ مِنْ غَيْرِ الْآلَةِ كَعَضِّ الْكَلْبِ أَوْ صَدْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي) لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ نَعَمْ يَأْتِي فِي كَلَامِ عج الَّذِي الْكَلَامُ هَذَا لَهُ (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِالْمُسْلِمِ) أَيْ مُسْلِمٍ حَالَ الْإِرْسَالِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَانْظُرْ لَوْ تَخَلَّفَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ.
كَذَا فِي عب (أَقُولُ) إذَا كَانَ النَّصُّ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِسْلَامُ حَالَ الْإِرْسَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ الِاسْتِمْرَارِ وَفِي عِبَارَةٍ وَيُعْتَبَرُ الْإِسْلَامُ حَالَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ فَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ أَوْ كَانَ كَافِرًا حَالَ الرَّمْيِ وَأَسْلَمَ حِينَ الْإِصَابَةِ فَلَا يُؤْكَلُ وَاشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ فِي قَوْله تَعَالَى {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] لِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ تُفِيدُ الْحَصْرَ اهـ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الْحَيَوَانِ آلَةً لَهُ) أَيْ فَلَا يُنَافِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجُرْحِ مُسْلِمِ إلَخْ بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَنَّسَ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَقَوْلُهُ وَإِنْ تَأَنَّسَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ بِمَعْنَى لَوْ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ إنْ تَصْرِفُ الْفِعْلَ لِلِاسْتِقْبَالِ وَالْمَعْنَى عَلَى الْمُضِيِّ وَلَوْ تَدُلُّ عَلَى الْمُضِيِّ فَلِذَلِكَ كَانَتْ أَنْ بِمَعْنَى لَوْ (قَوْلُهُ أَوْ يُقَدَّرُ كَانَ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَأَنَّسَ فِعْلٌ مَاضٍ وَتَصْرِفُهُ إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ وَكَذَا كَانَ فِعْلٌ مَاضٍ فَتَصْرِفُهُ إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280] فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُضِيَّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّرَ كَانَ مَعَ وُجُودِ الْمَاضِي دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ الَّذِي كَانَ يَصْرِفُ الْفِعْلَ إلَيْهِ لَيْسَ مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ الْمُضِيُّ وَإِلَّا لَمَا اُحْتِيجَ لِتَقْدِيرِ كَانَ

. (قَوْلُهُ عُجِزَ عَنْهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ عَجْزَ كُلِّ أَحَدٍ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَ كَذَا فِي ك (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَالَ عُجِزَ عَنْهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ (أَقُولُ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَجْزَ يَقْتَضِي النُّدُودَ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ بِسُقُوطِهِ فِي كُوَّةٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَبْحُهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمَنْطُوقِ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ أَصْبَغُ إلَخْ) ذَكَرَهُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْعُسْرِ الْمَشَقَّةُ إلَّا أَنَّهُ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ قَالَ يَخَافُ مِنْهُ الْعَطَبَ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ مَشَقَّةً بِدُونِ عَطْفٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرٍ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّ مُفَادَ نَصِّ أَصْبَغَ آخَرُ إمَّا يُفِيدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْمَشَقَّةِ.
(قَوْلُهُ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ) أَيْ جَبَلٍ شَاهِقٍ أَيْ مُرْتَفِعٍ

(قَوْلُهُ أَوْ تَرَدَّى) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ وَجُمْلَةُ تَرَدَّى صِفَةٌ لَهُ أَيْ وَحْشِيٌّ تَرَدَّى بِكُوَّةٍ وَلَيْسَتْ جُمْلَةُ تَرَدَّى مَعْطُوفَةً عَلَى قَوْلِهِ شَرَدَ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ ثُبُوتَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّعَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ) أَيْ لِيَشْمَلَ الدَّجَاجَ الْإِنْسِيَّ وَنَحْوَهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالنَّعَمِ إلَخْ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرَدَ لَا يُسْنَدُ إلَّا لِلنَّعَمِ أَيْ لُغَةً قَالَ الْبَدْرُ شَرَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي النَّعَمِ وَنَدَّ فِي الصَّيْدِ اهـ

الصفحة 9