كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به.
فقال المقوقس: إني قد نظرت في أمر هذا النبي، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب ووجدته معه آية النبوة بإخراج الخبء والإخبار بالنجوى وسأنظر.
وأخذ كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجعله في حق من عاج، وختم عليه ودفع به إلى جارية له، ثم دعا كاتبا له يكتب بالعربية، فكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(بسم الله الرحمن الرحيم) لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد، فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين، لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك.
ولم يزد على هذا ولم يسلم، والجاريتان مارية، وسيرين، والبغلة دلدل بقيت إلى زمن معاوية، واتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - مارية سرية له، وهي التي ولدت له إبراهيم، وأما سيرين فأعطاها لحسان بن ثابت الأنصاري.
3 - الكتاب إلى كسرى ملك فارس:
وكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى ملك فارس:
بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك.
واختار لحمل هذا الكتاب عبد الله بن حذافة السهمي، فدفعه السهمي إلى عظيم البحرين، ولا ندري هل بعث عظيم البحرين رجلا من رجالاته، أم بعث عبد الله السهمي، وأيا ما كان فلما قرىء الكتاب على كسرى مزقه، وقال في غطرسة: عبد حقير من رعيتي يكتب اسمه قبلي. ولما بلغ ذلك رسول الله قال: مزق الله ملكه، وقد كان كما قال. فقد كتب كسرى إلى باذان عامله على اليمن: إبعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين، فليأتياني به فاختار باذان رجلين ممن عنده وبعثهما بكتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمره أن ينصرف معه إلى كسرى. فلما قدما المدينة، وقابلا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أحدهما: إن شاهنشاه (ملك الملوك) كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك وبعثي إليك لتنطلق معي وقال قولا تهديديا فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يلاقياه غدا.

الصفحة 50