كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

أخشى الطلب ثلاثا ثم قل ما شئت قال: افعل قلت: فإني والله تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم - يعني صفية بنت حيي - ولقد افتتح خيبر، وانتثل (¬1) ما فيها وصارت له ولأصحابه، فقال: ما تقول يا حجاج؟ قلت: إي والله فاكتم عني ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي، فرقا من أن أغلب عليه، فإذا مضت ثلاث فاظهر أمرك فهو والله على ما تحب، قال: حتى إذا كان اليوم الثاني لبس العباس حلة له وتخلق (¬2) وأخذ عصاه ثم خرج حتى أتى الكعبة فطاف بها فلما رأوه قالوا: يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحر المصيبة، قال: كلا والله الذي حلفتم به، لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على بنت ملكهم، وأحرز أموالهم وما فيها، فأصبحت له ولأصحابه، قالوا: من جاءك بهذا الخبر؟ قال: الذي جاءكم بما جاءكم به ولقد دخل عليكم مسلما فأخذ ماله فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه، قالوا: يا لعباد الله انفلت عدو الله، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن، قال، ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك (¬3).
خرص ابن رواحة ثم جبار على أهل خيبر:
قال ابن إسحاق: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما حدثني عبد الله بن أبي بكر يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين ويهود فيخرص عليهم فإذا قالوا: تعديت علينا قال: إن شئتم فلكم، وإن شئتم فلنا، فتقول يهود بهذا قامت السموات والأرض. وإنما خرص عليهم عبد الله بن رواحة عاما واحدا، ثم أصيب بمؤته يرحمه الله فكان جبار بن صخر أخو بني سلمة هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة فأقات يهود على ذلك لا يرى بهم المسلمون بأسا في معاملتهم حتى عدوا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عبد الله بن سهل أخي بن حارثة فاتهمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون عليه.
إجلاء اليهود عن خيبر أيام عمر: قال ابن إسحاق: وسألت ابن شهاب الزهري كيف كان إعطاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود خيبر نخلهم، حين أعطاهم النخل على خرجها، أبت ذلك لهم حتى قبض، أم أعطاهم إياها لضرورة من غير ذلك، فأخبرني ابن شهاب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتتح خيبر عنوة بعد القتال وكانت خيبر مما أفاء الله عز وجل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقسمها بين المسلمين، ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال، فدعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال إن شئتم دفعت إليكم هذه الأموال على أن تعملوها وتكون ثمارها بيننا وبينكم؛ وأقركم ما أقركم الله، فقبلوا فكانوا على ذلك يعملونها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن رواحة فيقسم ثمرها، ويعدل عليهم في الخرص، فلما توفى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أقرها أبو بكر
¬_________
(¬1) انتشل: استخرج.
(¬2) تخلق: تطيب بالخلوق وهو نوع من الطيب.
(¬3) السيرة لابن هشام ج 3 ص 309 - 361.

الصفحة 70